يقيناً ، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث ، فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة فيه ، فلا يكون العلم الاجمالي منجّزاً. فلو علم المكلف اجمالاً بنجاسة إنائه أو إناء الملك مثلاً ، كان إناء الملك خارجاً عن محل الابتلاء ، إذ لا داعي له في تحمل المشقّة وتوطئة الأسباب للتصرف في إناء الملك ولو كان مقدوراً له بالارتباط إلى بعض غلمانه مثلاً ، فالتكليف بالنسبة إليه منتفٍ يقيناً ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في إنائه.
ووسّع الأمر صاحب الكفاية قدسسره في هامش الرسائل (١) ، وذكر أنّ الملاك المذكور موجود في الشبهة الوجوبية أيضاً ، فلا يكون العلم الاجمالي فيها أيضاً منجّزاً إلاّفيما إذا كان جميع الأطراف محلاً للابتلاء من حيث الترك ، لأنّ التكليف الوجوبي والبعث نحو شيء أيضاً لا يصحّ إلاّفيما إذا كان للمكلف داعٍ إلى تركه عادةً ، إذ لو كان الشيء ممّا يفعله المكلف بطبعه ولا داعي له إلى تركه ، كان جعل التكليف الوجوبي بالنسبة إليه لغواً محضاً ، وعليه فلو كان بعض أطراف العلم الاجمالي في الشبهة الوجوبية خارجاً عن محل الابتلاء ، بمعنى أنّ المكلف لا يبتلى بتركه عادةً ويأتي به بطبعه ، كان التكليف بالنسبة إليه منتفياً يقيناً ، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث ، فيكون المرجع هو الأصل الجاري بلا معارض.
وأورد عليه المحقق النائيني قدسسره (٢) بأنّ متعلّق التكليف الوجوبي هو الفعل ، وهو مستند إلى الارادة والاختيار حتّى فيما إذا كان مفروض التحقق عادةً بدون أمر من المولى ، فصحّ تعلّق التكليف به ولا يكون مستهجناً ، بخلاف
__________________
(١) [الظاهر أنّه من سهو القلم والصحيح هامش الكفاية : ٣٦١]
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٤٣١ و ٤٣٢