والعسر والنذر وأمر الوالد ونحوها.
هذه هي الوجوه المحتملة بدواً في تلك الأخبار ، والمناسب لما اشتهر بين الفقهاء من قاعدة التسامح في أدلة السنن هو الاحتمال الثاني كما ترى ، ولكنّه بعيد عن ظاهر الروايات غاية البعد ، لأنّ لسان الحجّية إنّما هو إلغاء احتمال الخلاف والبناء على أنّ مؤدى الطريق هو الواقع كما في أدلة الطرق والأمارات ، لا فرض عدم ثبوت المؤدى في الواقع ، كما هو لسان هذه الأخبار ، فهو غير مناسب لبيان حجّية الخبر الضعيف في باب المستحبات ، ولا أقل من عدم دلالتها عليها ، وكذا الاحتمال الثالث ، إذ لا دلالة بل لا إشعار للأخبار المذكورة على أنّ عنوان البلوغ ممّا يوجب حدوث مصلحة في العمل بها يصير مستحباً.
فالمتعيّن هو الاحتمال الأوّل ، فانّ مفادها مجرد الاخبار عن فضل الله تعالى وأ نّه سبحانه بفضله ورحمته يعطي الثواب الذي بلغ العامل ، وإن كان غير مطابق للواقع ، فهي كما ترى غير ناظرة إلى العمل وأ نّه يصير مستحباً لأجل طروء عنوان البلوغ ، ولا إلى إسقاط شرائط حجّية الخبر في باب المستحبات.
فتحصّل : أنّ قاعدة التسامح في أدلة السنن ممّا لا أساس لها ، وبما ذكرناه من عدم دلالة هذه الأخبار على الاستحباب الشرعي سقط كثير من المباحث التي تعرّضوا لها في المقام :
منها : أنّ المستفاد منها هل هو استحباب ذات العمل ، أو استحبابه فيما إذا اتي به بعنوان الرجاء والاحتياط؟ فنقول لا دلالة لها على استحباب العمل بأحد من الوجهين ، نعم الثواب مترتب على ما إذا كان الاتيان بالعمل بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبية على ما يستفاد من قوله عليهالسلام : «فعمله التماس ذلك الثواب» (١) أو «طلب قول النبي صلىاللهعليهوآله» (٢) ، فلا يترتب
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ١ : ٨١ و ٨٢ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١٨ ح ٧ و ٤