والمحمل الصحيح الّذي ذكرناه أوضح ، وكذلك دليلهما ، فتزول المخافة.
وأمّا الكتاب الّذي وعد بتأليفه فلم يصل إلينا ، فإن كان صرّح فيه بتجويز السهو الحقيقي أو وقوعه ، بطل حمل كلامه على المحمل الصحيح ، ولم يبطل حمل الأخبار عليه لوجود معارضاتها ، وكثرة اجمالاتها (١).
وأمّا حديث (٢) أبي بكر الحضرمي ففيه مع الإغماض عن سنده أنّه نسب السهو إلى الرسول صلّى الله عليه وآله ، فينافي إجماع الفريقين ، لأنّ من جوّز السهو عليه قال : انّه من الله ، فلابد له من تأويله بالحمل على المجاز ، أو الاعتراف ببطلان الفرق الّذي ذكره ، والقول بالمساواة بين سهونا وسهوه.
وأمّا حديث الحارث فليس فيه تصريح بالسهو أصلاً ، بل ظاهره العمد لإطلاق اسناد الفعل ، وهو يتمّ على جملة من الوجوه السابقة.
وأمّا حديث الحسن بن صدقة ففيه مع ضعف سنده جداً أنّه تضمّن منه الفعل إلى الرسول صلّى الله عليه وآله من غير تصريح [ بالسهو ، ثمّ نسب الفعل الى إرادة الله من غير تصريح به أيضاً ] (٣) ، وظاهر الحال كون الإسنادين على وجه الحقيقة ، وهو لا يتمّ كما مرّ فالأقرب أن يكون الفعل من الرسول صلّى الله عليه وآله عمداً ، والأمر بذلك من الله كما تقدّم.
وحديث سعيد الأعرج قد عرفت حاله ، وهذه الرواية أخفّ إشكالاً من السابقة ، ولفظ أسهاه يمكن حمله على الترك من غير بعد بأن يكون أمره به.
__________________
(١) في ب : اجمالاتنا.
(٢) في د : وأحاديث.
(٣) ليس في ب.