إسناد العلم بالخصوصية إلى المجموع ولا إلى الدّليل الإجمالي فافهم ولما علم مفردات التّعريف فلنتكلّم في أمور يحتاج إلى بسط الكلام الأوّل قد فسّر الحكم في التّعريف بخطاب الله المتعلّق بأفعال المكلّفين اقتضاء أو تخييرا أو وضعا والمراد من الأفعال والمكلفين الجنس ليشمل خصائص النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضا والقيود الثلاثة الأخيرة ليشمل الأحكام التكليفيّة والوضعيّة قيل إنّ تعريف الحكم المذكور في التّعريف بخطاب الله تعالى مستلزم لاتحاد الدّليل والمدلول إذا الكتاب من جملة الأدلة وهو أيضا خطاب الله تعالى إلاّ على مذهب الأشاعرة حيث قالوا بالخطاب النّفسي الّذي هو مدلول الخطاب اللّفظي وفيه أنه لم يعرّف الحكم بالخطاب إلاّ من ذهب إلى الخطاب النّفسي ولم يقل أحد إنّ الحكم عبارة عن الخطاب اللّفظي حتّى يرد عليه اتحاد الدّليل والمدلول ثمّ إنّه أجاب عن الإيراد بناء على عدم القول بالكلام النّفسي بأنّ الأحكام عبارة عن الخطابات المعلومة بالإجمال والأدلة خطابات مفصّلة فنحن نعلم أن لشرب الخمر قد ورد خطاب في الشريعة ونعلم تفصيله بقوله تعالى فاجتنبوه مثلا وفيه أنه لا يتمّ هذا الكلام في الجواب إذ يكون معنى التّعريف أن الفقه عبارة عن العلم بالخطابات المجملة عن الخطابات التفصيليّة فإن أريد العلم الإجمالي بالخطابات المجملة فهو لم يحصل من الأدلة بل هو معلوم بالضّرورة وإن أريد العلم التفصيلي بالخطابات المجملة فهو عين العلم بالخطابات المفصّلة لا أنه حاصل منها فإنّ معنى العلم التّفصيلي معرفة الشيء مفصّلا والخطابات المفصّلة عين المجملة والفرق إنما هو بالإجمال والتفصيل فالعلم التفصيلي بالخطابات المجملة عين العلم بالأدلة المفصّلة وهو يحصل بالنظر فإنّ من أراد أن يعلم شيئا بالتّفصيل ينظر فعلمه يحصل بالنّظر لا بالعلم التّفصيلي (فافهم) وأمّا على القول بالخطاب النّفسي فيرد أمور منها ما ذكره الفاضل القميّ رحمهالله من أنّ اللفظ كاشف عن المدّعى لا أنّه مثبت للدعوى ومعناه أنّ الخطاب اللفظي دالّ على مدلوله الّذي هو الكلام النّفسي لا أنّه دليل عليه والفرق بين الدّال والمدلول أنّ الأوّل يوجب تصوّر مدلوله والثّاني موجب للتّصديق بالمدعى ويظهر منه في الحاشية وجه آخر وهو أنّ الدليل عبارة عما يتوصّل بصحيح النّظر (فيه) إلى مطلوب خبري فيجب أوّلا تصوّر المطلوب الخبري ثم ترتيب المعلومات لتحصيله كما هو طريقة النّظر والكلام النّفسي لا يتصوّر إلاّ بعد ذكر الكلام اللّفظي فكيف يكون دليلا عليه وفيه أنّه لا يجوز أن يتصور أنّ في شرب الخمر مثلا خطابات نفسيّة ثم يستنبط تفصيلها بالخطابات اللّفظية فالأولى هو الوجه الأول إلاّ أنه قد أورد عليه بأنّ اللفظ وإن كان بالنّسبة إلى نفس المعنى دالا أنّه بالنّسبة إلى ثبوت المعنى في ذهن المتكلّم دليل بضميمة مقدمات أخر من كون المتكلم عاقلا غير عابث واللفظ موضوع للمعنى ولم ينصب القرينة فيجب أن يكون المعنى