قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    غاية المسؤول في علم الأصول

    غاية المسؤول في علم الأصول

    226/456
    *

    أصل إيجاب الشّيء هل يستلزم وجوب مقدماته

    فيه أقوال والأولى في العنوان أن يقال طلب الشّيء هل يستلزم طلب مقدماته ليشمل الأوامر الاستحبابيّة أيضا ثم إنّ هذه المسألة من المبادي الأحكاميّة التّصديقيّة وليست فقهية ولا أصوليّة ولا لغويّة كما توهم أمّا الأوّل فلأنّ البحث فيها ليس عن عمل المكلّف أعني وجوب المقدمات بل البحث إنّما هو عن التّلازم بين وجوب الشّيء ووجوب مقدماته ولأنّ ضابطة المسائل الفقهيّة هو أنّ المجتهد إذا اجتهد فيها وأعطاها بيد المقلد أمكن له العمل بها بدون أن يكون محتاجا إلى اجتهاد آخر كما لو اجتهد في أصالة البراءة في الشّبهات الموضوعيّة بخلاف ما نحن فيه لأنّه إذا اجتهد وحكم بوجوب مقدمة الواجب لم ينفع ذلك للمقلد حتى يبين له أنّ ذلك الشّيء مقدمة كما في أصالة البراءة في الشّبهات الحكميّة وأمّا الثّاني فلأنّ البحث فيها ليس من عوارض الكتاب والسّنة ولا عن دلالة الأمر أصلا لما عرفت أن البحث إنّما هو غير التّلازم ولو ثبت الوجوب بالإجماع والعقل لا يقال إنّهما أيضا من موضوع الأصول لأنّا نقول المسألة الأصوليّة ما يبحث فيها عن أحوال الأدلّة بعد ثبوتها لا عن نفس وجودها وهنا الكلام في نفس حكم العقل بوجوب المقدمة فلا يرجع إلى الأدلة العقليّة حتى يدخل في الأصول بل يكون نظير مسألة أن العقل هل يحكم بالحسن والقبح أو لا وأمّا الثّالث فلأنّ المسألة اللّغويّة فيجب فيها عن الدّلالة بعد تسليم تحقق المدلول كدلالة النّهي على الفساد فإنّ الفساد أمر محقق إنّما النّزاع في دلالة النّهي عليه مع أنّ الكلام ليس مختصا بما إذا استفيد الوجوب من الأمر بل يشمل المستفاد من الإجماع والعقل أيضا فالتّحقيق أنّها من جملة المبادي الأحكاميّة الّتي يبحث فيها عن الحكم ولوازمه كذكر معنى الوجوب والاستحباب ونحو ذلك ثم إنّ التّحقيق في أصل المسألة يتوقف على تمهيد مقدمات أحدها المقدمة ما يتوقف عليه الشّيء وهذا المعنى مشترك بين جميع المقدمات ثم إنّها تقسم باعتبارات كثيرة فقد تقسم تارة إلى داخليّة وخارجيّة والأوّل ما هو داخل في قوام الشّيء كالجزء للكل والثّاني غير ذلك وهو على أقسام منها مجموع الّتي لا ينفك عنها المعلول وهذا هو العلة التّامة ومنها مجموع الأمور الّتي لو لا المانع لأثر فاعتبر فيه جميع الشّرائط سوى فقد المانع وهذا هو المقتضي ومنها ما يكون بحيث لو اقترن بالشرائط وفقد المانع لكان الأثر مستندا إليه وهذا هو السّبب وربما قيل باتحاده مع المقتضي بإرجاع أحدهما إلى الآخر ومنها الشّرط وهو ما لوجوده أثر في الوجود ومنها المانع وهو ما لوجوده وعدمه أثر في الوجود كوضع القدم لطي المسافة وقد علم بما ذكرنا رسوم الأقسام أيضا وأمّا القوم ففسر والسّبب مما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته قالوا والقيد الأخير لإدخال السّبب الجامع لفقد الشّرائط أو وجود الموانع فلا يلزم من وجوده الوجود وكذا إذا قام مقامه سبب آخر فلا يلزم من عدمه العدم واعترض عليه بعضهم بأنّ قولهم لذاته إمّا المراد به دوام الاستلزام فلا ينفع لإدخال ما ذكر لأنّها لا تدخل بهذا المعنى وكذا لو كان المراد الاستلزام الذّاتي بمعنى استحالة الانفكاك