إلى العرف لأنّه ميزان عرف الشّارع كما يرجع في تعيين المعنى اللّغوي إلى عرف العوام ولا يضر الاختلاف في العرف كما لا يضر في المعاني اللّغويّة كالغسل حيث قيل إنّه يعتبر فيه العصر وقيل إنّه يصدق بالماء المضاف وقيل لا وقلّ مقام خال من الخلاف وفيه نظر فإن رجوع الصحيحيّين إلى تبادر العرف على فرض صحته إنّما هو لتحديد المعنى على نحو الإجمال وإن معنى الصّلاة هو الصّحيح لا التّحديد كليّة كما هو مذهب الأعمّيّين حيث يريدون نفي الجزء المشكوك بصدق اللّفظ عرفا على فاقده وهو لا يمكن إلاّ بتحديد الماهيّة كليّة ولا ريب أنّ التّحديد الإجمالي يحصل بالرّجوع إلى العرف وأمّا التّحديد كليّة فلا إذ المعنى مجمل عند المتشرعة أيضا كما يرى من اختلافهم في الأجزاء والشّرائط ليس المعنى مبنيا عندهم باقيا على ما كان لكثرة التّغير والتّحريف ولا أقل من الشّك لتوفر الدّواعي إلى التّغيير بخلاف المعاني اللّغويّة إذ لا داعي إلى تغييرها فتأمّل نعم لو كان المعنى محدودا في عرف المتشرعة لكان للرجوع إليه في التّحديد الكلي وجه حيث إنّه ميزان لعرف الشّارع وليس كذلك واستدل الأعمّيّون بوجوه منها التّبادر لما يرى من أنّه لو أخبر بأنّ فلانا يصلي وكان صلاته فاسد لم يكذب القائل بخلاف ما لو قال حينئذ إنّه لا يصلي فإنّهم يكذبونه ومنها عدم صحة السّلب والجواب المنع والتّكذيب في المثال وعدمه إنّما هو لما ذكرنا أن المراد بذلك عرفا هو التّعرض للعمل وعدمه فلا يطلق التّارك على المتعرض للعمل ولو على وجه الفساد كما سبق ومنها اتفاق العلماء مع كونهم صحيحيّين على التّمسك بالإطلاقات في نفي الشّرط والجزء المشكوك وهو لا يمكن إلاّ على مذهب الأعمّيّين أمّا الثّاني فلإجمال اللّفظ عند الصّحيحيّين وأمّا الأوّل فيظهر من المراجعة إلى كتبهم ألا ترى الشّهيد الثّاني رحمهالله مع أنّه صحيحي في المعاملات أيضا بتمسك في نفي اشتراط حضور الإمام في وجوب الجمعة بإطلاق الأمر بصلاة الجمعة والحاصل أن عمل الصّحيحيّين أيضا على طبق الأعمّيّين وهذا في الواقع إيراد للتّناقض بين أقوال الصّحيحيّين وبين عملهم والجواب منع ذلك الاتفاق وما نقله عن الشّهيد رحمهالله لا دخل له في المقام إذ الكلام إنّما هو في التّمسك بإطلاق لفظ العبادة فهذا لا يمكن للصحيحيّين والشّهيد رحمهالله لم يتمسك بذلك بل إنّما تمسك بإطلاق الأمر فإن الظّاهر منه عدم كون الوجوب مشروطا والفرق واضح بين شرائط الوجوب وشرائط الصّحة والّذي لا يمكن نفيه بالإطلاق هو الثّاني والشّهيد رحمهالله إنّما تمسك به في الأوّل نعم يمكن أن يقال بأنّ نفي الاشتراط بإطلاق الأمر إنّما يتم لو كان الأمر شاملا للمعدومين وإلاّ فلا لأن اختصاص الأمر بواجدي الشّرائط حينئذ يغني عن التّصريح بالشرائط كما يقال للمستطيع حج مطلقا لوجدانه للشرط فلعل وجود الإمام شرط لكن لما كان المخاطبون واجدين له لم يصرح بالاشتراط بخلاف ما لو قيل بشموله للمعدومين لقبح توجيه الخطاب المطلق إلى