لحكم من الأحكام فلا ريب أن إبراهيم أيضا يحرم قتله وإيذاؤه وأكل ماله وغير ذلك وعلى هذا لا يوجد معنى غير شرعي أو كاد أن لا يوجد وإن أريد منه ما كان من مخترعات الشّارع تشريعا لا تكوينا فكلاهما خارجان وثانيا أنّ قيد الحيثيّة يغني عن المعنى الشّرعي إذ الكلمة المستعملة في أي معنى كان بوضع شرعي من حيث إنّه شرعي حقيقة شرعية كالصراط والميزان والجنّة والحساب ونحو ذلك وكيف كان قد علمت أنّه لا فائدة في التّعرض للمفهوم إذ النّزاع إنّما هو في المصاديق المخصوصة وإنها هل صارت حقيقة في زمان الشّارع تعيينا أو تعيّنا أو إلى زمان الصّادقين عليهالسلام أو لا وتسميتها بالشرعية بناء على الوضع التّعييني ظاهر وأمّا على الوضع التّعيني فقيل في وجهه إنّه وإن حصل النّقل بسبب استعمال الشّارع فهي في الحقيقة منتسبة إلى الشّارع لكون استعماله سببا له في الحقيقة وفيه أن ذلك يقتضي كون الألفاظ الّتي صارت حقائق في معانيها المجعولة شرعا في زماننا هذا حقائق شرعية لأن الاستعمال فيها تابع لاستعمال الشّارع وليس كذلك قطعا فالأولى في وجه التّسمية أن يقال إنّ المراد بالحقيقة الشّرعية الحقيقة المنسوبة إلى الشّرع من حيث هو شرع فيجب حدوثها في زمان صاحب الشّرع كالأحكام الشّرعية وأمّا ما صارت حقيقة في زمان الصّادقين عليهالسلام وما بعدهما فهي حقيقة متشرعة أو شارعية ويكفي في نسبتها إلى الشّارع كونه سببا للنّقل كما ذكره ثم إنّ مقتضى ما ذكرنا من محل النّزاع أنّه لا بد من كون اللّفظ مستعملا شرعا في المعاني الجديدة ومن صيرورته حقيقة فيها في زماننا وكان الشّكّ في بدء حدوث الوضع وفيه أقوال فقيل بالثبوت وقيل بالنفي واختلف القائلون بالثبوت فقال بعضهم بالوضع التّعييني وظاهره الإطلاق وقال بعضهم بالتعيّني وظاهره التّفصيل بين الألفاظ ونسب إلى القاضي الباقلاني القول بنفي الاستعمال رأسا فهنا مقامات أحدها في بيان الاستعمال شرعا في المعاني المتجددة والثّاني في ثبوت الوضع التّعييني ونفيه والثّالث بعد عدم ثبوت الوضع التّعييني في أنّه تعيّني أو لا أما المقام الأوّل فنقول فيه قد يتوهّم في بادي النّظر عدم معقولية ما قاله القاضي إذ لا شبهة في إرادة الماهية الخاصية من لفظ الصّلاة مثلا إذ هو أيضا قائل بأنه لم يرد محض الدّعاء بل زاد عليه القيود واللّواحق وقد ذكرنا أنّه قد يكون بين المعنى اللّغوي والشّرعي الفرق بالإطلاق والتّقييد فقد سلم القاضي الاستعمال في المعاني المستحدثة لكن بعد إمعان النّظر يعلم أن مراد القاضي أن لفظ الصّلاة مستعمل في الدّعاء بعنوان أنّه دعاء والقيود خارجة فالخاص وإن كان مرادا من اللّفظ إلاّ أنّه مراد بعنوان كونه فردا من الكلي لا بعنوان الخصوصية وإنّما يكون مستعملا في معنى جديد إذا أريد منه الخاص بعنوان الخصوصية وهو المراد مما ذكرنا سابقا وبما ذكرنا ظهر الثّمرة بين قوله