إلى أن صار عشّاراً وكان كذلك إلى أن مات ودفن في تلك المقبرة قَرِيباً من المحل الذي كان يبيت فيه الرجل الصالح المذكور فرآه بعد موته بأقلّ من شهر في المنام في زي حسن وعليه نضرة النعيم فتقدّم إليه وقال له : إنِّي عالم بمبدئك ومنتهاك وباطنك وظاهرك ولم تكن ممّن يحتمل في حقه حسن الباطن ولَم يكن عملك مقتضيا إِلاّ للعذاب والنكال ، فبم نلت هذا المقام؟ قال : نعم الأمر كما قلت كنت مقيما في أشدّ العذاب من يوم وفاتي إلى أمس ، وقد توفيت فيه زوجة الأسْتاذ أشرف الحداد ودفنت في هذا المكان وأشار إلى طرف بينه وبينه قريب من مائة ذراع ، وفي ليلة دفنها زارها أبو عبد الله عليهالسلام ثلاث مرّات وفي المرة الثالثة أمر برفع العذاب عن هذه المقبرة فصرت في نعمة وسعة وخفض عيش ودعة. فانتبه متحيراً ولَم تكن له معرفة بالحدّاد ومحلّه فطلبه في سوق الحدّادين فوجده فقال له : ألك زوجة؟ قال : نعم توفيت بالأمس ودفنتها في المكان الفلاني وذكر الموضع الذي أشار إليه. قال : فهل زارت أبا عبد الله عليهالسلام قال : لا. قال : فهل كانت تذكر مصائبه؟ قال : لا. قال : فهل كان لها مجلس تذكر فيه مصائبه. قال : لا. فقال الرجل : وما تريد من السؤال؟ فقص عليه رؤياه قال : كانت مواظبة على زيارة عاشوراء (١).
الثانية : زيارة عاشوراء الغير المشهورة : وهي تناظر الزيارة المشهورة المتداولة في الأجر والثواب خلوّا من عناء اللّعن والسَّلام مائة مرة وهي فوز عظيم لمن يشغله عن تلك الزيارة شاغل هام. وكيفيتها على ما في كتاب (المزار القديم) من دون الشرح كمايلي : من أحب أن يزوره عليهالسلام من بعد البلاد أو قربها فليغتسل ويبرز إلى الصحراء أو يصعد إلى سطح داره فيصلّي ركعتين يقرأ فيهما سورة (قل هو الله أحد) ، فإذا سلّم أومأ إليه بالسلام وليتوجه بالسلام والايماء والنّية إلى جهة قبر أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ثم يقول بخشوع واستكانة :
السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ البَشِيرِ النَّذِيرِ وَابْنَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ الله وَابْنَ خِيَرَتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ الله وَابْنَ ثارِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الوِتْرُ المَوْتُورُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهاالإمام الهادِي الزَّكِيُّ وَعَلى أَرْواحٍ حَلَّتْ بِفنائِكَ وَأَقامَتْ فِي جِوارِكَ وَوَفَدَتْ مَعَ زُوّارِكَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ مِنِّي مابَقِيتُ وَبَقِيَ اللَيْلُ وَالنَّهارُ ، فَلَقَدْ عَظُمَتْ بِكَ الرَزِيَّةُ وَجَلَّتْ
_________________
١ ـ دارالسلام ٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠.