وأمّا الحديث القدسي فهو كلّ كلام يضيف فيه المعصوم قولاً إلى اللّه سبحانه وتعالى ، ولم يرد في القرآن الكريم.
وإن شئت قلت : هو الكلام المنزل بألفاظ بعينها ، لا لغرض الإعجاز وبهذا افترق عن القرآن الذي هو الكلام المنزل بألفاظه ، للإعجاز ، كما أنّه بخلاف الحديث النبوي الذي هو الوحي إليه صلوات اللّه عليه بمعناه لا بألفاظه.
ومع ذلك : ففي الحديث القدسي نفحة من عالم القدس ، ونور من عالم الغيب ، وهيبة من ذي الجلال والإكرام ، تلك هي الأحاديث القدسيّة التي تسمّى أيضاً : إلهيّة ، وربّانية.
مثلاً أخرج مسلم في صحيحه عن أبي ذر ( رضي اللّه عنه ) عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فيما يرويه عن اللّه عزّوجلّ ـ : « يا عبادي إنّي حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا تظالموا ... ». (١)
إذا عرفت ما ذكرنا ، فاعلم أنّ الخبر ينقسم إلى :
الخبر معلوم الصدق ضرورة أو نظراً.
أو معلوم الكذب كذلك.
أو ما لا يُعلم صدقه ولا كذبه.
والقسم الأخير إمّا يظُنّ صدقه ، أو كذبه ، أو يتساويان.
فهذه أقسام خمسة.
والملاك في هذا التقسيم هو مفاد الخبر ومضمونه ، والخبر المتواتر من أقسام معلوم الصدق دون الآحاد كما سيتّضح ، وإليك البحث في كل واحد منهما :
__________________
١. مسلم : الصحيح : ٨ ، كتاب البرّ ، الباب ١٥ ، الحديث ١. وقد ألّف الشيخ الحرّ العاملي كتاباً باسم « الجواهر السنيّة في الأحاديث القدسيّة ».