المتفسخ إلى محله
وزوال الألم ، لكن بعده يبقى اعتياده على تناول المورفين المخدر ، وهذا ربما لم
يكن أقل شدة بل كان أشد عند الترك من نفس الصدمة الأصلية ، وتلك نفسها في المجتمع
البشري.
لم يتوصل البشر بعد لدرجة صغيرة من
الكمال المخلوق في إنسان ، بل ولا في أدنى الحيوانات والحشرات ، وهو بحاجة لبحث
مستمر للسلوك الطبيعي والاستفادة من مكنوناته ومدخراته وكنوزه الثمينة التي يحملها
كل إنسان لتطبيقها تطبيقا حسنا ، ومنها نشر الحقائق وأتباعها والجد للوصول الى
الحقيقة ، حتى إذا شعر المجتمع بالألم لإصلاحه وضع الدواء الطبيعي له ، وأن يعلم
أن سروره الحقيقي وشقاءه الواقعي إنما يتوقف على سعادة وشقاء مجموعه كما في البدن
الإنساني ، وأن يكون كالبدن الإنساني ، ليس فيه كذب ولا رياء ولا خداع ، بل كل
حقيقة ، وكله سرعة فائقة أسرع من لمح البصر فيمايخص العلم بوقوع الحادث وفيما يخص
علاجه ، فأنت إن قربت أدنى حرارة أو آلة واخزة إلى أدنى حيوان انتقل حالا لضم
الطرف ثم الشروع حالا لترميم ما خرب ، هكذا يجب في المجتمع.
هذه مقارنة تعرفنا حكمة الطبيعة
وإتقانها ومدى جهلنا ، وأي جهل اعظم من أن نطلب السعادة عن طريق الشقاء.
وتمتاز الحجيرات بعضها عن بعض بالنسبة
للمركز الذي تشغله في الجسم. وبمقدار أهمية الوظيفة التي تؤديها يحافظ عليها ، وتصان
بتلك النسبة. فحجيرات المخ تحاط ـ لأهميتها ـ بقشرة شحمية وتليها أغشية وعظام ، كما
تختلف من حيث غذائها ومدة حياتها بالنسبة لحجيرات البشرة ، فبقدر ما تسديه للجسم
من خدمة يكون مقامها وشأنها ، والمحافظة عليها أكثر ومدة حياتها أطول ، كلما سمت
وارتفعت بخدماتها ، ويقدم لها غذاء على قدر مجهودها.
هكذا يصنع لمن يجب أن يناط إليه المركز
الأعلى لقيادة الأمة ، وكيف يجب أن