ووجوبها مقدارها (١) ، حتّى يظهر أنّ الأصل في شرعيّة الزكاة خصوص سدّ الخلّة ورفع الحاجة للفقراء.
ولو بنى على أنّه عند عدم الحاجة ، وتحقّق سدّ الخلّة يحرم أخذ الزكاة ، وعند فعليّة الحاجة والخلّة يحلّ سدّا لهما ، فمع أنّه ينافي قوله من اشتراط الاستمرار صريحا غلط فاسد أيضا ، إذ لا يكاد يوجد فقير لا يكون محتاجا يوما ، بل وأزيد منه ، لأنّ الفقراء لا يموتون من الجوع ومثله ، كما هو المشاهد.
وقال الله تعالى (ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) (٢) ـ إلى أن قال ـ (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (٣) وغيرها من الأخبار ، لم نجد إلى الآن فقيرا مات من الجوع.
ومن هذا ورد منهم عليهمالسلام : لو أدّى الناس زكاتهم ما احتاج أحد (٤) ، هذا ، وأمثال هذا قولهم عليهمالسلام : «لكانوا عائشين بخير» (٥) وغير هذا ، ولذا ترى الناس لا يعطون الزكاة سيّما في كثير من البلدان ، ومع ذلك لم يمت ، ولم يهلك فقراؤهم.
ويشير إلى ذلك مدح الفقراء بكونهم أغنياء من التعفّف ، وتعريفهم أنّهم لا يسألون الناس ، إلى غير ذلك.
وبالجملة ؛ الفقراء الذين لا شكّ في كونهم فقراء يجوز لهم أخذ الزكاة ويحلّ عليهم غالبا ، ويحصل لهم في يوم أو يومين أو أزيد ، يكسر عدم الحاجة وانسداد
__________________
(١) انظر! وسائل الشيعة : ٩ / ٩ الباب ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.
(٢) هود (١١) : ٦.
(٣) الذاريات (٥١) : ٢٣.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٤ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٢ الحديث ١١٣٩٢ نقل بالمضمون.
(٥) الكافي : ٣ / ٤٩٦ الحديث ١ ، من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٣ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٠٩ الحديث ١١٨٥٦.