التبليغ والبشارة (أَجْراً) نفعا منكم (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) إلّا أن تودّوا أهل قرابتي. ولم يكن هذا أجرا في الحقيقة ، لأنّ قرابته قرابتهم ، فكانت صلتهم لازمة لهم في المروءة. ويجوز أن يكون منقطعا ، أي : لا أسألكم أجرا قطّ ، ولكن أسألكم أن تودّوا قرابتي الّذين هم قرابتكم ، ولا تؤذوهم.
ولم يقل : إلّا مودّة القربى ، أو إلّا المودّة للقربى ، بل قال : إلّا المودّة في القربى ، لإفادة أنّهم جعلوا مكانا للمودّة ومقرّا لها ، كقولك : لي في آل فلان مودّة ، ولي فيهم هوى وحبّ شديد. تريد : أحبّهم ، وهم مكان حبّي ومحلّه. وليست «في» بصلة للمودّة ، كاللام إذا قلت : إلّا المودّة للقربى ، بل هي متعلّقة بمحذوف تعلّق الظرف به في قولك : المال في الكيس. وتقديره : إلّا المودّة ثابتة في القربى ومتمكّنة فيها. والقربى مصدر كالزلفى والبشرى ، بمعنى القرابة. والمراد : في أهل القربى ، كما فسّرنا به.
روي عن قيس ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس أنّها لمّا نزلت قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الّذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال : «عليّ ، وفاطمة ، وابناهما».
قال النيشابوري في تفسيره بعد ذكر هذا الحديث : «ولا ريب أنّ هذا فخر عظيم وشرف تامّ. ويؤيّده ما روي عن عليّ عليهالسلام : شكوت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حسد الناس لي ، فقال : «أما ترضى أن تكون رابع أربعة : أوّل من يدخل الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين ، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا ، وذرّيّتنا خلف أزواجنا» (١).
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «حرّمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي.
ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطّلب ، ولم يجازه عليها ، فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقيني يوم القيامة».
__________________
(١) غرائب القرآن ٦ : ٧٤.