عند الله ، وجب على من تحقّق ذلك أن لا ترجّح أحوالهم في عينه ، ولا يغرّه إقبالهم في دنياهم بوسيلة المكاسب المربحة. ولهذا عطف ذلك على بيان مجادلتهم بالفاء العاطفة ، فقال :
(فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) أي : إمهالهم في دنياهم ، وتقلّبهم في بلاد الشام واليمن بالتجارات المربحة ، لأنّهم مأخوذون عمّا قريب بكفرهم أخذ من قبلهم ، كما قال :
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ) والّذين تحزّبوا على الرسل وناصبوهم ، كعاد وثمود (مِنْ بَعْدِهِمْ) بعد قوم نوح (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ) من هؤلاء (بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) ليتمكّنوا من إصابته بما أرادوا من تعذيب وقتل. من الأخذ بمعنى الأسر.
(وَجادَلُوا بِالْباطِلِ) بما لا حقيقة له (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) ليزيلوه به (فَأَخَذْتُهُمْ) يعني : أنّهم قصدوا أخذ رسولهم ، فجعلت جزاءهم على إرادة أخذه أن أخذتهم بالإهلاك. ثمّ قرّر ذلك فقال تعجيبا : (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) فإنّكم تمرّون على ديارهم ، فتعاينون أثر ذلك.
(وَكَذلِكَ حَقَّتْ) أي : كما وجب إهلاكهم في الدنيا بالعذاب المستأصل ، كذلك وجب (كَلِمَةُ رَبِّكَ) أي : وعيده ، أو قضاؤه بالعذاب (عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) بكفرهم (أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) لأنّ علّة واحدة ـ وهي الكفر ـ تجمعهم أنّهم من أصحاب النار. وهذا بدل من «كلمة ربّك» بدل الكلّ على إرادة اللفظ ، أي : وجب أنّهم أصحاب النار. أو الاشتمال على إرادة المعنى.
(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ