ب) الحجة الثانية على تجرّد الخيال
أنّ الصورة الخيالية كصورة شكل مربع محيط بدائرة قطرها يساوى قطر الفلك الأعظم ، فهذه الصورة الشكلية إمّا أن تكون بالقياس إلى ما هي شكله في الموجودات الخارجية كأنّها شكل منزوع عن موجود خارجى وليس كذلك؛ أو يكون شكلا في مادة دماغية حاملة لها والمادة الدماغية مشتغلة بشكل صغير المقدار غير هذا الشكل ، والمادة الواحدة لا يجوز أن يشتغل في آن واحد بمقدار صغير في غاية الصغر وبمقدار عظيم في غاية الكبر ، ولا يشكل أيضا بشكلين متباينين دفعة واحدة.
وأيضا شكل الدماغ طبيعي ، وكذا مقداره مقدار طبيعى له وهذا الشكل الذي كلامنا فيه قد يحصل بالإرادة النفسانية على أي مقدار نريد وكذا غيره من الصور والأشكال.
وأيضا ربما يزداد المقدار المشكل الحاضر في الخيال وينبسط في تماديه إلى حيث يشاء النفس وكل جسم طبيعى لا يمكن أن ينمو ويزداد إلا بإضافة مادة من الخارج إليه فظهر أنه المقدار المشكل المتخيل ليس مقدارا لمادة دماغية ولا لغيره من الأجسام الخارجية فبقى أن تكون نسبة القوّة الدرّاكة إليه غير نسبة القوّة الحاملة لما يحلّها ولا نسبة ذى وضع بذى وضع آخر.
بل نقول من رأس إنّ تلك القوة لا محالة لها علاقة إلى ذلك الشكل فتلك العلاقة إمّا وضعية كالمجاورة والمحاذاة وما يجرى مجراها كما بين الأجسام الخارجية؛ وإمّا غير وضعيّة ، والقسم الأوّل محال لأنّ ذلك الشكل غير واقع فوق الإنسان ولا تحته ولا في يمينه أو يساره ولا قدّامه أو خلفه فبقى القسم الثانى ، وقد علمت أنّها ليست