العلم وهو العلم بالمحسوس من آثارها وليس لكم علم عالم الأمر ، ولفظة ما نافية أو استفهامية إنكارية.
وقال اللّه عزّ وجلّ في سورة القدر : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ...) ؛ وقال في سورة الشرح : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ...) ؛ وقال : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ ...) (سورة النحل ، الآية ٩٠) ؛ والإنزال دفعى ، والتنزيل تدريجى ، ويجب الفرق بين انزال القرآن وبين تنزيله فإنّ إنزاله كان في صدر خاتم الأنبياء دفعة واحدة ، وتنزيله كان في مدة ثلاثة وعشرين عاما ، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يأمر كتاب الوحى وغيرهم بجعل السور والآيات التنزيلية على صورة القرآن الإنزالي؛ مثلا إنّ كريمة (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) آخر آية نزلت من القرآن ، وقال جبرئيل ضعها في رأس الثمانين والمائتين من البقرة.
وجملة الأمر أنّ ترتيب السور القرآنية وكذلك ترتيب آياتها كلّها توقيفي ، والسور والآيات التنزيلية رتّبت على صورة القرآن الإنزالى في ليلة القدر بأمر اللّه سبحانه ورسوله؛ وقد حقّقنا ذلك الأمر القويم الحكيم في رسالتنا فصل الخطاب في عدم تحريف كتاب ربّ الأرباب.
والغرض أنّ كل أثر يحاكى شأن مؤثّره كما قال اللّه سبحانه : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) (الإسراء ، ٨٥) وحيث إنّ وجود الحق سبحانه غير متناه فآثاره الوجودية من الكتاب التكوينى والتدوينى على شاكلته غير متناهية ، فالصدر الذي هو وعاء حقائق القرآن الكريم له مقام فوق التجرد العقلى فافهم وتدبّر وراجع الباب الأوّل من رسالتنا المذكورة الصّحيفة الزبرجديّة في كلمات سجّادية.
ما قدّمناها من الآيات الكريمة فإنّما كانت انموذجا في بيان تجرّد النفس الناطقة وفوق تجردها والعقلى ، وكذلك نهدى إليك بعض روايات في الأمرين المذكورين؛ وقد ذكرنا عدة آيات وروايات أخرى في آخر كتابنا الفارسى گنجينه گوهر روان فليرجع الطالب الكريم إليه :
روى الآمدي في غرر الحكم ودرر الكلم ، وابن شهرآشوب في المناقب أنّ الوصيّ