وكيف يحصل العلم بالشيء. ثمّ انّ الصورة المعقولة ليست عرضا قائما بالنفس بل هي تصير متحدة بها وجودا وعينها كما تحقق في اتحاد العاقل بمعقوله. على أنّ تميز القوّة العاقلة عن محلها الشخصى المادّي كيف هو؟
بقي في المقام اعتراضات الفخر الرازى في المباحث وشرحه على إشارات الشيخ حول البرهان ، والجواب عنها ، فنكتفى بنقل ما أوردها في المباحث فانها نحو ما في شرحه على الإشارات إلّا ما سنتلوه عليك ، ثمّ نتبعه بجواب المحقق الطوسى وصاحب الأسفار عنها مع زيادة إفادات منّا حول كلماتهم فنقول :
هذا البرهان هو الدليل الرابع على تجرّد النفس الإنسانية في المباحث (ج ٢ ، ص ٣٦٢ ـ ٣٦٤ ، ط ١). وتقريره البرهان يوهم في جليل النظر العدول عن صوب الصواب. وذلك لأنّه ثلّث التقسيم ، وغيره ثنّاه وجعل الثالث استثناء لنقيض التالي بفساد قسمى المنفصلة معا على البيان الذي تقدم؛ ولكن دقيق النظر يحكم بعدم المنافاة بين التثليث والتثنية. فلا محيص إلّا بنقل تقريره أيضا وبيانه وإن كان فيه بعض التكرير بالنسبة إلى ما تقدّم من تقرير البرهان غير مرّة. قال :
الدليل الرابع : لو كانت القوّة العاقلة منطبعة في جسم مثل قلب أو دماغ لكانت إمّا أن تعقل دائما ذلك الجسم ، أو لا تعقله قط ، أو تعقله في وقت دون وقت. والأقسام الثلاثة باطلة ، فالقول بكونها منطبعة في الجسم باطل.
وبيان ذلك هو أنّ تعقل القوّة العاقلة لذلك الجسم إمّا أن يكون لأجل أنّ صورة الآلة حاضرة عند القوّة العاقلة ، أو لأجل أنّ صورة أخرى من تلك الآلة تحصل للقوّة العاقلة. فإن كان الأوّل فالقوّة العاقلة إن أمكنها إدراك تلك الآلة وإدراكها نفس مقارنتها للقوّة العاقلة فما دامت الآلة مقارنة للقوّة العاقلة وجب أن تعقلها القوّة العاقلة فتكون القوّة العاقلة دائمة الإدراك لتلك الآلة. وإن امتنع على القوّة العاقلة إدراك تلك الآلة لوجب أن لا تدركها أبدا فظاهر أنّه لو كان تعقل القوّة العاقلة لتلك الآلة لأجل نفس مقارنة تلك الآلة لتلك القوّة لوجب أن تعقلها دائما ، أو لا تعقلها دائما وكلا القسمين باطل. وأمّا إن كان تعقل تلك القوّة العاقلة لتلك الآلة لأجل حصول صورة