الحجة بأمرين : أحدهما أنّ النقطة حلّت من الجسم شيئا منقسما أو غير منقسم إلى قوله : «وأيضا فالنقض بالوحدة وارد إلى قوله : «وكذلك الإضافة» إلى قوله : «وكذلك القوّة الوهمية المدركة بعداوة الذئب» إلى أن قال في بيان ثانى الأمرين :
وثانيهما أن نقول : العلم متى يجب أن ينقسم بانقسام محلّه أو عند ما يكون محلّه منقسما بالقوّة ، أو عند ما يكون محلّه منقسما بالفعل؟ الأوّل مسلّم ، والثانى ممنوع؛ وعندنا الجزء الذي هو محل العلم بسيط غير منقسم بالفعل فلا يلزم أن يكون العلم منقسما ، بل متى انقسم ذلك الجزء بالفعل فإنّه يلزم انقسام العلم القائم به لكن العلم لما يكن محتملا للانقسام لا جرم بطل العلم وانعدم.
والجواب : أمّا النقض بالنقطة فلا بدّ لمن احتجّ بهذه الحجة من أن يمنع كونها أمرا وجوديا في الخارج على ما مضى وإن كان ذلك في غاية البعد؛ وأمّا إذا سلّمنا كونها أمرا وجوديا وفرقنا بين الصورتين بأن قلنا النقطة عرض غير سار في الجسم لأنّك متى فرضت قسمة في الجسم لم تفرض في أجزاء الجسم أجزاء من النقطة. وأمّا العلم فقد بينا أنّ حقيقته ليست مجرّد إضافة فقط بل انّما يتمّ بحصول صورة مساوية لماهية المعلوم في العالم فيكون العلم صفة حقيقية ولا بدّ أن يكون لها محلّ معيّن ممتاز عن غيره فيكون ساريا فيه. ولكن لقائل أن يقول : إذا عقل اختصاص العرض بمحلّه بحيث لا يكون ساريا فيه فليعقل أن يختص العلم به لا على وجه السريان سواء كان العلم وصفا حقيقيا أو حالة إضافية. انتهى.
أقول : لا يخفى عليك جودة التقرير البحث على السياق الذي في المباحث ، ووجه كون الاعتراضات خمسة. ثمّ انّ صاحب الأسفار اختار في الجواب عن الاعتراض بالنقض بالنقطة كونها عدمية.
وانّما الكلام في ما ذهب إليه الفخر هاهنا من أنّ العلم صفة حقيقية مع أنّ كلماته الأخرى ناصّة بأنّه قائل في العلم بالإضافة ، كما قال في شرحه على الفصل السابع من النمط الثالث من الإشارات في الإدراك ـ أي العلم ـ : انّ الصورة الذهنية إن لم تكن مطابقة للخارج كانت جهلا ، وإن كانت مطابقة فلا بدّ من أمر في الخارج وحينئذ