الجامعة للأشياء المتجانسة وذلك أن النار وإن ظهر أنها تفرق وتميز شيئا من شيء فإنما فعلها ذلك من جهة الجمع المتجانس فكأنه ليس ذلك على القصد الأول وذلك أنه يلحق جميع المتجانس تفريق الغريب واما البرودة فإنها الجامعة الحاصرة التي هي من جنس واحد ومن غير جنس واحد. وأما الرطوبة فهي ما ليس له في نفسه حد يحصره لكنها سهلة الانحصار من غيرها. وأما اليبوسة فهي ماله في نفسه حد يحصره وحصره من قبل غيره عسير (١). وهذه الرسوم للحار والبارد واليابس والرطب وإن كانت ليست مما يدل عليه أسماؤها عندنا ولا هي رسوم تتنزل منزلة الأقاويل الشارحة للاسم ولا يشهد لها التسمية كما كانت عندهم في ما احسب ، فهي أمور بينة الوجود في نفسها لهذه الكيفيات ، أعني هذه الأفعال التي رسمت بها ، وهي رسوم مأخوذة من فصولها بواسطة ، ولكن اتفق لها في ذلك اللسان أن كانت أمورا مشهورة ومعقولة لشهادة التسمية لها وهي عندنا معقولة لا مشهورة فهذا أحد ما يوجب ان تكون هذه المضادة فصول الأسطقسات.
والشيء الثاني أنّا نجد جميع هذه المضادة التي هي تحت حس اللمس الفاعلة مثل الرقة والغلظ واللزوجة والقحل والصلابة واللين وما اشبهها متولدة عن هذه وراجعة إليها أما الأشياء الرقيقة اللطيفة فلما كان من شأنها ان تملأ فراغ الأشياء وأن تتشكل بسهولة بشكل الحاوي (٢) فإن بينّا من أمرها أنها سهلة الانحصار من غيرها ، وهذا
____________________
١ ـ غيره عسير : أ؛ غير العسير : ب ، م.
٢ ـ الحاوي : أ؛ الهاوى : ب ، م.