فأحبّ إتمام بيت المقدس ، فجمع الجنّ والشياطين ، وقسّم عليهم الأعمال ،
يخصّ كلّ طائفة منهم بعمل. فأرسل الجنّ والشياطين في تحصيل الرخام والمها الأبيض الصافي
من معادنه. وأمر ببناء المدينة من الرخام والصفّاح ، وجعلها اثني
عشر ربضا ، وأنزل كلّ ربض منها سبطا من الأسباط.
ولمّا فرغ من
بناء المدينة ابتدأ في بناء المسجد ، فوجّه الشياطين فرقا ، فرقة يستخرجون الذهب
واليواقيت من معادنها ، وفرقة يقلعون الجواهر والأحجار من أماكنها ، وفرقة يأتونه
بالمسك والعنبر وسائر الطيب ، وفرقة يأتونه بالدرّ من البحار. فأتي من ذلك بشيء لا
يحصيه إلّا الله تعالى. ثمّ أحضر الصنّاع ، وأمرهم بنحت تلك الأحجار حتّى صيّروها
ألواحا ، وبمعالجة تلك الجواهر واللآلئ.
وبنى سليمان
المسجد بالرخام الأبيض والأصفر والأخضر ، وعمده بأساطين المها
الصافي ، وسقّفه بألواح الجواهر ، وفضّض سقوفه وحيطانه باللآلئ واليواقيت والجواهر ، وبسط أرضه
بألواح الفيروزج. فلم يكن في الأرض بيت أبهى ولا أنور من ذلك المسجد ، كان يضيء في
الظلمة كالقمر ليلة البدر.
قال سعيد بن
المسيّب : لمّا فرغ سليمان من بناء بيت المقدّس ، تغلّقت أبوابه ، فعالجها سليمان
فلم تنفتح ، حتّى قال في دعائه : بصلوات أبي داود إلّا فتحت
__________________