إثباته الّذي الطريق إلى علمه مسلوك ، فضلا أن يعرفوا وقت كونه الّذي لا طريق إلى معرفته. وهذا وإن اختصّ بالمشركين ممّن في السماوات والأرض ، نسب إلى جميعهم ، كما يسند فعل البعض إلى الكلّ.
وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص : بل ادّراك ، بمعنى : تتابع حتّى استحكم ، أو تتابع حتّى انقطع ، من : تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك.
وأبو بكر : ادّرك. وأصلهما : تفاعل وافتعل.
والإضرابات الثلاث إنّما هي لتنزيل أحوالهم ، فإنّه وصفهم أوّلا بأنّهم لا يشعرون وقت البعث ، ثمّ بأنّهم لا يعلمون أنّ القيامة كائنة ، ثمّ بأنّهم يخبطون في شكّ ومرية فلا يزيلونه ، ثمّ بما هو أسوأ حالا ، وهو العمى ، وأن يكون مثل البهيمة ، قد عكف همّه على بطنه وفرجه ، لا يخطر بباله حقّا ولا باطلا ، ولا يفكّر في عاقبة. وقد جعل الآخرة مبدأ عماهم ومنشأه ، فلذلك عدّاه بـ «من» دون «عن» لأنّ الكفر بالعاقبة والجزاء هو الّذي جعلهم كالبهائم لا يتدبّرون ولا يتبصّرون.
وقيل : إنّ الآية إخبار عن ثلاث طوائف : طائفة أقرّت بالبعث ، وطائفة شكّت فيه ، وطائفة نفته ، كما قال : (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) (١).
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ
__________________
(١) ق : ٥.