٣ ـ وعن جابر قال : « قيل لرسول الله صلىاللهعليهوآله أتتداوى ؟ قال : نعم ، فتداووا فإنَّ الله لم ينزل داءً إلاّ وقد انزل له دواء ، وعليكم بألبان البقر فإنّها ترعى من كل الشجر » (١).
وقد اخرج ابو داود والترمذي والحاكم وصححاه ، والنسائي وابن ماجة وابن السني وابو نعيم واحمد كما حكى عنهم اسامة بن شريك قال : « كنت عند النبي صلىاللهعليهوآله وجاءت الأعراب ، فقالوا : يا رسول الله انتداوى؟ فقال : نعم : يا عباد الله ، تداووا فإن الله عزّوجلّ لم يضع داءً إلاّ وضع له شفاء ، غير داء واحد ، قالوا : ما هو ؟ قال : الهرم ».
ومن الواضح أنّ التداوي الذي تفزع اليه النفوس البشرية لا ينافي التوكّل على الله سبحانه لأنّه سبحانه قد جعل مباشرة الاسباب مقتضيات لمسبباتها ، فإنّ معنى التوكّل هو اعتماد القلب على الله سبحانه في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه ، وقد جعل الله سبحانه قانونه الحكيم في الوصول إلى ما ينفع ، ودفع ما يضر إلى سلوك الأسباب لذلك ، فالتداوي لرفع الداء هو مثل دفع الجوع والعطش والحر والبرد باضدادها ، وكرد العدو بالجهاد.
٤ ـ وقد ورد في مسند احمد والسنن ، واخرجه الحاكم عن أبي خزامة قال : « قلت يا رسول الله أرأيت رقىً نسترقيها ودواء نتداوى به ، وتقاة نتقيها ، هل تردّ من قدر الله شيئاً ؟ قال : هي من قدر الله ».
ولهذا نقول إنّ المتوكّل يجب عليه أن يعمل ما ينبغي ويتوكّل على الله في نجاحه ، فالفلاّح يحرث ويبذر ثم يتوكّل على الله في نزول المطر والنماء ، وقد ورد في القرآن الكريم ( خذوا حذركم ) ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لصاحب الناقة : « اعقلها وتوكّل ».
__________________
(١) المصدر السابق : ح ١٠.