محلّلة ) فغايته قرض بفائدة.
ويرد على هذا القول : أن كل بيع نسيئة أو بنقد هو معناه ( بيع نقد بنقد أكثر منه ، نقداً أو نسيئة بينهما سلعة محلّلة ) ، ولكن الله سبحانه أحلّ هذا حيث إنّ البائع حوّل نقده الى عمل مخزون ، وهذا العمل المخزون يستهلك بمرور الزمان ، فتذهب صفته ، والمشتري له الحقّ أن يبيع هذا العمل المخزون بعد قبضه بفائدة وربح ، فيكون ربحه مرتكزاً على عمل ، أمّا القرض بفائدة الذي حرّمه الشارع المقدّس فالمفروض فيه أن النقد الذي دفعته إلى المقترض يرجع بنفسه إليّ بعد الأجل من دون نقيصة في صفاته ، ومن دون استهلاك ، ومعنى هذا عدم جواز الفائدة ككسب يحصل عليه المقرِض ، لأنّه لم يقدم عملاً مباشراً إلى المقترض ولا مخزوناً بحيث يستهلك أو تذهب صفته بالاستعمال ، وحينئذ لا يحقّ له الاكتساب من هذا الطريق.
بالاضافة الى ورود النص بحرمة القرض بفائدة ، وعدم وروده إلى الآن فيما إذا اشترى سلعةً من زيد ، وأراد بيعها إلى عمرو مرابحة نسيئة وكان ملزماً ببيعها بسبب من أسباب الالزام.
ثامناً : الأصل اللفظي للمسألة : إذا تنزلنا عن الأدلّة السابقة الدالة على صحة المرابحة للآمر بالشراء كما في الصورة الاُولى التي عرضناها فغاية ما يقال : إنّنا نشك في صحة هذه المعاملة ، وحينئذ فإنّ إطلاق ( أحل الله البيع ) و ( أوفوا بالعقود ) و ( تجارة عن تراض ) تدل على صحة هذه المعاملة ، لأنّ معاملة البنك للعميل ممّا لا إشكال أنّها بيع عند العرف ، وهي عقد وتجارة فتشملها الآيات الثلاث الدالّة على صحة المعاملة ولزوم الوفاء بها ، وإن كان الالزام موجوداً لإيقاع هذه المعاملة.
نقول : هذا الذي تقدم كان على مقتضى القاعدة ، وعدم صحة ما ذكر من نصوص على البطلان عند فقهاء السنة.