منطقيّة وضعها قبل
عرض الأصول وجعلها مدخلا له. بل جعلها مقدّمة للعلوم كلّها فقال :
«وليست هذه المقدّمة من جملة علم الأصول
ولا من مقدّماته الخاصّة به ، بل هي مقدّمة العلوم كلّها ومن لا يحيط بها فلا ثقة
له بعلومه أصلا ...» .
ويعتبر المستصفى نموذجا للمزجيّة ، يقول فيه : «إنّ أشرف العلوم ما ازدوج فيه
العقل والسمع واصطحب فيه الرأي والشرع» .
وتجدر الإشارة إلى أنّ الغزالي ألّف في
الفقه قبل ذلك (المنخول وشفاء الغليل) ، لكنّ المنخول ليس سوى عرض لآراء فقهيّة وأصوليّة
، أخذ معظمها عن إمام الحرمين الجويني فقال : «هذا تمام القول في الكتاب ، وهو
تمام المنخول من تعليق الأصول بعد حذف الفصول وتحقيق كلّ مسألة بماهيّة العقول ، مع
الإقلاع عن التطويل والتزام ما فيه شفاء الغليل.
والاقتصار على ما ذكره إمام الحرمين
رحمه اللّه في تعاليقه من غير تبديل وتزييد في المعنى وتعليل ...» .
إذا اقتصر الفقه على النقل قبل المستصفى
، وقد صرّح بذلك الإمام قائلا : «والمختار إنّه لا يحتجّ به لأنّ العقل لا يحيل
ذلك في المعقولات ، والشبهة مختلجة والقلوب مائلة إلى التقليد واتّباع الرجل
المرموق فيه ، إذا قال قولا. هذا ممّا اختاره الإمام رحمه اللّه» .
والقول المجمل : إنّ المسألة المنهجيّة
اكتملت أكثر فأكثر بعد المرحلة الشكية ويتجلّى ذلك في المستصفى الذي جمع بين الرأي
والسمع
__________________