تمهيد
النسب كما قيل :
هو أساس الشرف ، وجذم الفضيلة ، ومناط الفخر ، ومرتكز لواء العظمة ، ومنبثق روائها
، وبه يعرف الصميم من اللصيق ، والمفتعل من العريق فيذاد عن حوزة الخطر من ليس له
بكفؤ.
وليس الاهتمام
بالأنساب وليد عصر خاص أو قوميّة خاصّة ، أو بلد خاصّ بل هو وليد حاجة الإنسان في
عصوره الغابرة ، حيث كانت الحاجة تدعوه إلى الالفة والتعاطف ، وكان تنازع البقاء
يخلق أجواء محمومة يحتاج معها الإنسان إلى الحماية والقوّة.
وقد اختصّ العرب
بمعرفة الأنساب ، كما اختصّ كلّ طائفة بعلم خاصّ لهم كما قيل : للروم من العلوم
الطبّ ، ولأهل اليونان الحكمة والمنطق ، وللهند التنجيم والحساب ، وللفرس الآداب ،
أي : آداب النفس والأخلاق ، ولأهل الصين الصنائع ، وللعرب الأمثال وعلم النسب ،
فعلوم العرب الأمثال والنسب ، وهذا العلم خاصّ لهم ، وليس في الفرس والروم والترك
والبربر والهند والزنج من يحفظ اسم جدّه أو يعرف نسبه ، لذلك تداخلت أنسابهم وسمّي
بعضهم إلى غير أبيه.