تتركب من مادة مشتركة وصور متضادة تختلف عليها فتكون الأجسام وتفسد. وهذه الكائنات الأرضية هي الاسطقسات الأربعة والمعادن والنبات والحيوان والانسان.
وفي هاتين الناحيتين الميتافيزيقية والطبيعية يعكس الفارابي فلسفة أرسطو. وتبنى نظرية أفلوطين الفيضية لتفسير صدور العالم عن الله. كما يقتفي أثر أرسطو في كلامه على النفس وقواها والجسم وتركيبه. ولكنه يأتي بآراء طريفة عند ما يتحدث عن المتخيلة فيجعل لها دورا معرفيا ودورا تمثيليا الى جانب دورها في حفظ صور المحسوسات وتركيبها. وبناء على هذا الدور يقدم الفارابي تفسيرا قيما للأحلام والنبوة. الدور المعرفي يبدو في اتصال المتخيلة بالعقل الفعال وتلقّي المعرفة منه ، وهي لا تقوم بهذا الدور الا اذا بلغت شأوا من الكمال والقوة لا نقع عليه الا عند الأنبياء.
أما دور المحاكاة الذي يعني قدرة المتخيلة على تمثيل ما عند قوى النفس الأخرى بالصور التي اختزنتها فهو سر الأحلام. وبذا يكون الفارابي متقدما على فرويد في هذا المجال ، أي تفسير الأحلام تفسيرا علميا.
ان فلسفة الفارابي الميتافيزيقية والطبيعية التي حذا فيها حذو أرسطو عرضته كما عرضت أرسطو للنقد الشديد من جانب المتكلمين المسلمين قديما والعلم الحديث في أوروبا.
أما في الناحية الاجتماعية فنرى الفارابي ينأى عن أرسطو ويقترب من أفلاطون فهو مثله يبني الاجتماع الانساني على أساس الحاجة الى التعاون بين الأفراد لسد متطلبات الحياة المختلفة. وهو مثله يفرض في رئيس المدينة الفاضلة الشروط ذاتها التي أوردها أفلاطون في رئيس الجمهورية ، ويوجب أن يكون الرئيس فيلسوفا. ولكن الفارابي ـ متأثرا بالبيئة الاسلامية التي عاش فيها ـ قال إن الرئيس يمكن أن يكون نبيا أيضا ، لأن النبي يشبه الفيلسوف في المستوى المعرفي ، فهو مثله يتصل بالعقل الفعال ويستمد منه العلم ولكن بواسطة متخيلته وليس