والتسيير ومثله : (هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ) (١). وهذا استثناء متّصل على طريقة قول النابغة (٢) :
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم |
|
بهنّ فلول من قراع الكتائب |
وقيل : منقطع.
(وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ) قرأ نافع : دفاع الله (النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) بتسليط المؤمنين منهم على الكافرين بالمجاهدة (لَهُدِّمَتْ) لخرّبت باستيلاء المشركين على أهل الملل. وقرأ نافع وابن كثير : لهدمت بالتخفيف. (صَوامِعُ) صوامع الرهبان (وَبِيَعٌ) وبيع النصارى (وَصَلَواتٌ) وكنائس اليهود. سمّيت بها لأنّها يصلّى فيها. وقيل : هي كلمة معرّبة ، أصلها بالعبرانيّة : صلوتا. (وَمَساجِدُ) ومساجد المسلمين (يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً) صفة للأربع ، أو لـ «مساجد» خصّت بها تفضيلا.
والمعنى : لو لا دفع الله ذلك لاستولى المشركون على أهل الملل المختلفة في أزمنتهم ، وعلى متعبّداتهم فهدّموها ، ولم يتركوا للنصارى بيعا ، ولا لرهبانهم صوامع ، ولا لليهود صلوات ، ولا للمسلمين مساجد. أو لغلب المشركون في أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم على المسلمين ، وعلى أهل الكتاب الّذين في ذمّتهم ، وهدّموا متعبّدات الفريقين.
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) من ينصر دينه وأولياءه. وهو إخبار من الله عزوجل بظهر الغيب عمّا سيكون. وقد أنجز وعده ، بأن سلّط المهاجرين والأنصار على صناديد العرب ، وأكابر أكاسرة العجم وقياصرتهم ، وأورثهم أرضهم وديارهم. (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌ) على نصرهم (عَزِيزٌ) لا يمانعه شيء.
__________________
(١) المائدة : ٥٩.
(٢) ديوان النابغة (طبعة دار صادر) : ١١.