(اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) (١). وقال : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) (٢).
وعن بعض العلماء : لا يعرض أحد عن ذكر ربّه إلّا أظلم عليه وقته ، وتشوّش عليه رزقه. وعن الحسن : المعيشة الضنك هي طعام الضريع والزقّوم في النار. وعن أبي سعيد الخدري : هو عذاب القبر.
(وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) أعمى البصر. وهذا مثل قوله : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) (٣).
روى معاوية بن عمّار قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل لم يحجّ وله مال؟قال : هو ممّن قال الله تعالى : ونحشره يوم القيمة أعمى فقلت : سبحان الله أعمى؟ قال : أعماه الله عن طريق الحقّ».
وعن مجاهد : أعمى عن الحجّة. يعني : أنّه لا حجّة له يهتدي إليها. والأوّل هو الوجه ، لأنّه الظاهر ، ولا مانع منه. ويدلّ عليه الآية المذكورة وقوله : (قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) وقد أمالهما حمزة والكسائي ، لأنّ الألف منقلبة من الياء. وفرّق أبو عمرو بأنّ الأوّل رأس الآية ومحلّ الوقف ، فهو جدير بالتغيير.
(قالَ كَذلِكَ) أي : مثل ذلك فعلت أنت. ثمّ فسّره فقال : (أَتَتْكَ آياتُنا) واضحة نيّرة (فَنَسِيتَها) فلم تنظر إليها بعين المعتبر ، ولم تتبصّر ، وتركتها وعميت عنها ، فكأنّك نسيتها (وَكَذلِكَ) ومثل تركك إيّاها (الْيَوْمَ تُنْسى) أي : جعلناك في العمى والعذاب كالشيء المنسيّ. يعني : نتركك في العمى والعذاب ، ولا نزيل الغطاء عن عينيك.
(وَكَذلِكَ) ومثل ذلك الجزاء (نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ) بالانهماك في الشهوات
__________________
(١) نوح : ١٠ ـ ١١.
(٢) الجنّ : ١٦.
(٣) الإسراء : ٩٧.