ما ينتفعن به حولا من النفقة والكسوة والسكنى (غَيْرَ إِخْراجٍ) بدل أو مصدر مؤكّد ، أي : يمسكن في البيوت إمساكا غير إخراج ، كقولك : هذا القول غير ما تقول ، أو حال من أزواجهم ، أي : غير مخرجات.
والمعنى : أنّ حقّ الّذين يتوفّون عن أزواجهم أن يوصوا قبل أن يموتوا ، بأن تمتّع أزواجهم بعدهم حولا كاملا ، أي : ينفق عليهنّ من تركته ، ولا يخرجن من مساكنهنّ. فكان ذلك قبل الإسلام وبدئه ، ثمّ نسخت المدّة بقوله : (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (١) وإن كان متقدّما في التلاوة فهو متأخّر في النزول.
(فَإِنْ خَرَجْنَ) من منزل الأزواج قبل الحول من غير أن يخرجهنّ الورثة. وقيل : إنّ المراد إذا خرجن بعد مضيّ الحول وقد مضت العدّة (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) يا معشر أولياء الميّت (فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ) كالتطيّب وترك الحداد والتعرّض للأزواج (مِنْ مَعْرُوفٍ) ممّا لم ينكره الشرع من طلب النكاح والتزيّن. وهذا يدلّ على أنّه لم يجب عليها ملازمة مسكن الزوج للحداد عليه ، وإنّما كانت مخيّرة بين الملازمة وأخذ النفقة وبين الخروج وتركها (وَاللهُ عَزِيزٌ) ينتقم ممّن خالفه منهم (حَكِيمٌ) يراعي مصالحهم.
(وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢٤٢))
ولمّا قدّم سبحانه بيان أحوال المعتدّات عقّبه ببيان ما يجب لهنّ من المتعة فقال : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) أي : تمتيع بوجه شرعيّ ، من النفقة والكسوة والمسكن المذكور ، متاعا إلى الحول.
__________________
(١) البقرة : ٢٣٤.