غيرهم ، لما لحقهم من أنواع المشقّة في نصرة الدين ، فمنها مفارقة العشائر والأقربين ، ومنها مباينة المألوف من الدين ، ومنها نصرة الإسلام مع قلّة العدد وكثرة العدوّ ، ومنها السبق إلى الايمان والدعاء إليه.
واختلف في أوّل من أسلم من المهاجرين. قيل : أوّل من آمن خديجة بنت خويلد ، ثمّ عليّ بن أبي طالب. وهو قول ابن عبّاس ، وجابر بن عبد الله ، وأنس ، وزيد بن أرقم ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن إسحاق ، وغيرهم.
وقال أنس : بعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الاثنين ، وأسلم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وصلّى خلف رسول الله يوم الثلاثاء.
وقال مجاهد وابن إسحاق : إنّه أسلم وهو ابن عشر سنين ، وكان مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أخذه من أبي طالب وضمّه إلى نفسه يربّيه في حجره ، وكان معه حتّى بعث نبيّا.
وقال الكلبي : إنّه أسلم وله تسع سنين. وقيل : اثنتا عشرة سنة ، عن أبي الأسود. قال السيّد أبو طالب الهروي : وهو الصحيح.
وفي تفسير الثعلبي روى إسماعيل بن أياس بن عفيف ، عن أبيه ، عن جدّه عفيف ، قال : كنت امرءا تاجرا فقدمت مكّة أيّام الحجّ ، فنزلت على العبّاس بن عبد المطّلب ، وكان العبّاس لي صديقا ، وكان يختلف إلى اليمن يشتري العطر فيبيعه أيّام الموسم. فبينما أنا والعبّاس بمنى إذ جاء رجل شابّ حين حلّقت (١) الشمس في السماء فرمى ببصره إلى السماء ، ثمّ استقبل الكعبة فقام مستقبلها ، فلم يلبث حتى جاء غلام فقام عن يمينه ، فلم يلبث أن جاءت امرأة فقامت خلفهما ، فركع الشابّ فركع الغلام والمرأة ، فخرّ الشابّ ساجدا فسجدا معه ، فرفع الشابّ فرفع الغلام والمرأة.
__________________
(١) أي : ارتفعت.