سرور المثابين بالثناء عليهم ، وغمّ المعاقبين بإظهار قبائحهم. والمنفيّ في قوله : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (١) سؤال استعلام. أو الأوّل في موقف الحساب ، وهذا عند حصولهم على العقوبة.
(فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ) على الرسل ، أي : لنخبرنّهم حين يقولون : (لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (٢). أو على الرسل والمرسل إليهم ما كانوا عليه. (بِعِلْمٍ) عالمين بظواهرهم وبواطنهم ، أو بمعلومنا منهم (وَما كُنَّا غائِبِينَ) عنهم ، فيخفى علينا شيء من أحوالهم.
(وَالْوَزْنُ) ووزن الأعمال والتمييز بين خفيفها وراجحها. أو المراد به القضاء الحقّ والحكم العدل. ورفعه بالابتداء ، وقوله : (يَوْمَئِذٍ) خبره ، أي : الوزن الثابت يوم يسأل الله الأمم ورسلهم (الْحَقُ) صفته. أو خبر محذوف ، ومعناه : الوزن الحقّ ، أي : العدل السويّ.
واختلفوا في كيفيّة الوزن ، لأنّ الأعمال أعراض لا يجوز عليها الاعادة ، ولا يكون لها وزن ، ولا تقوم بأنفسها. فقيل : توزن الصحائف ، فإنّ جمهور العلماء ـ من موافقينا ومخالفينا ـ على أنّ صحائف الأعمال توزن بميزان له لسان وكفّتان ينظر إليه الخلائق ، إظهارا للمعدلة ، وقطعا للمعذرة ، وتأكيدا للحجّة ، كما يسألهم عن أعمالهم ، فتعترف بها ألسنتهم ، وتشهد بها جوارحهم.
ويؤيّده ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الرجل يؤتى به إلى الميزان ، فينشر عليه تسعة وتسعون سجلّا ، كلّ سجلّ مدّ البصر ، فيخرج له بطاقة فيها كلمتا الشهادة ، فتوضع السجلّات في كفّة والبطاقة في كفّة ، فطاشت (٣) السجلّات وثقلت البطاقة.
__________________
(١) القصص : ٧٨.
(٢) المائدة : ١٠٩.
(٣) طاش يطيش ، أي : خفّ.