ويلايَ في كل شارقٍ (١) ، مات العَمَدُ (٢) ، ووهتِ العَضُدُ. شكواي إلى أبي ، وعدواي إلى ربِّي (٣).
اللهم أنت أشدُّ قوة وحولاً (٤) ، وأحدُّ بأساً وتنكيلاً (٥).
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : لا ويلَ عليكِ ، الويلُ لشانئكِ (٦) ، نَهْنِهي عن وَجْدِكِ يا ابنةَ الصَّفوة (٧) وبقيَّةَ النبوة ، فما ونيتُ عن ديني ، ولا أخطأتُ مقدوري (٨) ، فإنْ كنتِ تريدين البُلغة فرزقكِ مضمونٌ ، كفيلك مأمون ، وما أعد لكِ أفضلُ مما قُطع عنكِ (٩).
__________________
أي الله يقيم العذر من قبلي في إساءتي اليك حال صرفك المكاره ودفعك الظلم عني ، أو حال تجاوزك الحد في القعود عن نصري ، أي عذري في سوء الأدب إنك قصرت في إعانتي والذب عني. والحماية عن الرجل : الدفع عنه. ويحتمل ان يكون « عذيري » منصوبا كما هو الشايع في هذه الكلمة ، و « الله » مجروراً بالقسم ، يقال : عذيرك من فلان أي هات من يعذرك فيه. ومنه قول أمير المؤمنين عليهالسلام حين نظر إلى ابن ملجم ـ لعنه الله ـ : « عذيرك من حليلك من مراد ». والأوّل أظهر.
(١) قال الجوهري : « ويل » كلمة مثل ويح إلاّ انها كلمة عذاب ، يقال : « ويله وويلك وويلي ، وفي الندبة ويلاه ». ولعله جمع بين الف الندبة وياء المتكلم. ويحمتل ان يكون بصيغة التثنية ، فيكون مبتدأ والظرف خبره ، والمراد به تكرر الويل.
وفي رواية السيد : « ويلاه في كل شارق ، ويلاه في كل غارب ، ويلاه مات العمد ، وذل العضد ـ إلى قولها عليهاالسلام ـ اللّهمّ أنت أشد قوة وبطشا ». والشارق : الشمس ، أي عند كل شروق شارق وطلوع صباح كل يوم. قال الجوهري : « والشرق : المشرق ، والشرق : الشمس ، يقال : طلع الشرق ، ولا آتيك ما ذر شارق ، وشرقت الشمس تشرق شروقا ، وشرقا ، أيضا ، أي طلعت اشرقت أي أضاءت ».
(٢) العمد ، بالتحريك وبضمتين : جمع العمود. ولعل المراد هنا ما يعتمد عليه في الامور.
(٣) الشكو : الإسم من قولك : شكوت فلانا شكاية. والعدوى : طلبك إلى وال لينتقم لك ممن ظلمك.
(٤) الحول : القوة والحيلة والدفع والمنع ، والكل هنا محتمل.
(٥) البأس : العذاب. والتنكيل : العقوبة ، وجعل الرجل نكالا وعبرة لغيره.
(٦) العذاب والشر لمبغضك ، والشناءة : البغض. وفي رواية السيد : « لمن احزنك ».
(٧) نهنهت الرجل عن الشيء فتنهنه ، أي كففته وزجرته فكف. والوجد : الغضب أي امنعي نفسك عن غضبك ، وفي بعض النسخ : « تنهنهي » وهو أظهر. والصفوة ، مثلثة : خلاصة الشيء وخياره.
(٨) الوني ، كفتى : الضعف والفتور والكلال ، والفعل كوقى يقي ، أي ما عجزت عن القيام بما أمرني به ربي وما تركت ما دخل تحت قدرتي.
(٩) البلغة : بالضم : ما يتبلغ به من العيش ، والضامن والكفيل للرزق هو الله تعالى. وما اعد لها هو ثواب الاخرة.