أدبر واستكبر ، فقال إن هذا إلّا سحر يؤثر !
* * *
بَيْد أن القرآن لم يكن سحراً ، وكانوا يعلمون أنه ليس بسحر ، وأن هذا ( الناقد ) العتيد ربما أصابه مس من الشيطان ، ولربما أسره سحر البيان ، فاعتمدوا صيغة ( النقد الجماعي ) ووقفوا معاً وقالوا بصوت واحد : بل هو شاعر !!
وكانوا يظنون بذلك أنهم ربما اقتربوا من ( الموضوعية النقدية ) إذْ أن الشعر عندهم هو الكلام ، والشعراء عندهم سادة الكلام ، والشعر هو الصيغة المثلى للبيان اللغوي والفصاحة اللفظية ، وليس سوى الشعر بمقدوره أن يرسّخ قناعة ما في عقل ما .. !!
وهذه هي خطورة الشعر عند العرب ، فلا عجب إذاً أن يعتبرونه ديوانهم وصندوق عهدهم الذي تخرج منه المعجزات فيتحول اليابس إلى أخضر ، ويتحول الأخضر إلى أشجار تمشي ، ثم تتدلى أغصانها ، فتسبّح !!
فهل المعجزة إلّا هذا ؟!
* * *
ومنذ تلك اللحظة يحتل الشعر خندقاً في المواجهة ، وينتقي له دوراً رسالياً ، ويغدو سلاحاً أحدّ من السيف ، وأسنّ من الرمح ، وأبرىٰ من السهم .. !
ثم ما تلبث أن تنزل سورة باسم ( الشعراء
) ليصوغ القرآن الكريم للشاعر أسلوبه ويحدد له هدفه ، بل ويوضح للمتلقي طريقه ، فتنطلق الأشعار لتستقر في صدر الخصوم ، وتُرتجل الأرجاز في خضمّ المعركة لتزيدها حماسة وبأساً وضراماً ، وتجعلها أشد شراسة وضراوة ، ثم تتولد