لأنا نقول : نمنع أولا كون العموم فبها عموم الحكمة حتى يتوقف على إحراز ذلك ، بل هو عموم سرياني بالوضع ، بناء على الأقوى من تعلق الأحكام بنفس الطبائع السارية في جميع مصاديقها وأفرادها لأنها من حيث وجودها ولا بالطبائع الموجودة ، وثانيا نمنع الإهمال ، كيف والأصل في كلامه هو البيان ، بل هو الظاهر هنا بقرينة المقابلة للربا سيما مع تمسك العلماء بعمومها في موارد عديدة ، فظهر لك تمامية صغرى الدليل وكبراه وصح الاستدلال بالآية الشريفة على المدعى من إفادة المعاطاة الملك.
الثاني من الأدلة قوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) بتقريب أن المعاطاة تجارة لغة وعرفا فتدخل في حكم المستثنى ، وهو الجواز والإباحة وقرأ عاصم وحمزة والكسائي ـ على ما حكى عنهم ـ بالنصب على ان (كان) ناقصة ، والتقدير : الا أن تكون التجارة تجارة عن تراض ، وأموالكم أموال تجارة حذف المضاف وأقيم
__________________
أو غيرها كالإرث ، غاية الأمر أنه ملك آني لا يترتب عليه شيء من آثاره سوى الانعتاق المتوقف على سبق الملك ، وأما عدم تحقق الملك أصلا وتنزيل الملك على الشراء وكون التعبير عنه بالملك تسامحا ـ كما ذكره سيدنا وقواه ـ مع انه لم يرد في الروايات ذكر للشراء وجلها عبر فيها : إذا ملك الرجل والدية إلخ وإذا ملكهن وإذا ملكن نعم في رواية ابن سنان : «إذا اشترى الرجل أباه أو أخاه فملكه فهو حر» وهي ـ أيضا ـ ظاهرة فيما ذكرناه : من ترتب الحرية على الملك المترتب على الشراء.
وما ذكره ـ قدس سره ـ بعد التنزل : من كون الترتب على الملك وتقدمه على الانعتاق بالطبع بدعوى كون الشراء ـ مثلا ـ سببا للملك والانعتاق معا غير ان الأول مقدم على الثاني بالذات ، لا بالزمان ، ولعله لما قد يقال من أن التأخر في الزمان مستلزم لتأخر المعلول عن علته ، ولو