تفسير المفردات
أفتونى : أي أشيروا علىّ بما عندكم من الرأى والتدبير فيما حدث ، قاطعة أمرا :
أىّ باتّة فيه منفذته ، تشهدون : أي تحضروني ، والمراد بالقوة : القوة الحسية وكثرة الآلات ، والمراد بالبأس : النجدة والثبات فى الحرب.
المعنى الجملي
ذكر فيما سلف أن الهدهد حيما ألقى الكتاب أحضرت بطانتها وأولى الرأى لديها وقرأت عليهم نصّ الكتاب ، وهنا بين أنها طلبت إليهم إبداء آرائهم فيما عرض عليهم من هذا الخطب المدلهمّ والحادث الجلل حتى ينجلى لهم صواب الرأى فيما تعمل ويعملون ، لأنها لا نريد أن تستبدّ بالأمر وحدها ، فقلّبوا وجوه الرأى واشتد الحوار بينهم وكانت خاتمة المطاف أن قالوا : الرأى لدينا القتال ، فإنا قوم أولو بأس ونجدة ، والأمر مفوّض إليك فافعلى ما بدا لك ، وإن قالت : إنى أرى أن عاقبة الحرب والدمار والخراب وصيرورة العزيز ذليلا ، وإنى أرى أن نهادنه ونرسل إليه بهدية ثم ننظر ماذا يكون رده ، علّه يقبل ذلك منا ، ويكفّ عنا ، أو يضرب علينا خراجا نحمله إليه كل عام ونلتزم ذلك له ، وبذا يترك قتالنا وحربنا :
الإيضاح
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ) أي قالت بلقيس لأشراف قومها : أيها الملأ أشيروا علىّ فى أمر هذا الكتاب الذي ألقى إلىّ فإنى لا أقضى فيه برأى حتى تشهدونى فأشاوركم فيه.
وفى قولها هذا دلالة على إجلالهم وتكريمهم ليمحضوها النصح ، ويشيروا عليها بالصواب ، ولتختبر عزمهم على مقاومة عدوهم ، وحزمهم فيما يقيم أمرهم ، وإمضاءهم على الطاعة لها ، علما منها أنهم إن لم يبذلوا أنفسهم وأموالهم ودماءهم دونها لم يكن