إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الكشف والبيان [ ج ٩ ]

232/363
*

(وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ثم بيّن سبحانه فضل السابقين في الانفاق والجهاد فقال عزّ من قائل (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ) يعني : فتح مكة في قول أكثر المفسرين.

وقال الشعبي : هو صلح الحديبية قال : وقال أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا رسول الله أفتح هو؟ قال : «نعم عظيم» (١).

(وَقاتَلَ) مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ) أي من بعد الفتح (وَقاتَلُوا).

أخبرني عقيل أن المعافى أخبرهم عن محمد بن جرير حدّثني ابن البرقي ، حدّثنا ابن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرني زيد بن أسلم عن أبي سعيد التمار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم».

قال : من هم يا رسول الله؟ قريش.

قال : «لا هم أرق أفئدة وألين قلوبا» وأشار بيده إلى اليمن فقال : «هم أهل اليمن ، ألا إن الإيمان يمان والحكمة يمانية» فقلنا : يا رسول الله هم خير منّا؟

قال : «والذي نفسي بيده لو كان لأحدهم جبل من ذهب ينفقه ما أدرك مدّ أحدهم (٢) ولا نصيفه» ثم جمع أصابعه ومدّ خنصره فقال : «ألا إن هذا فضل ما بيننا وبين الناس (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ)» (٣) [٢١٧].

وروى محمد بن الفضل عن الكلبي أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه ، وفي هذه الآية دلالة واضحة وحجة بيّنة على فضل أبي بكر بتقديمه لأنه أول من أسلم (٤).

__________________

(١) تفسير الطبري : ٢٧ / ٢٨٧.

(٢) في المصدر : أحدكم.

(٣) جامع البيان للطبري : ٢٧ / ٢٨٨.

(٤) اتفقت الرواية عن النبي والصحابة والتابعين بكون علي أول من أسلم وأول من صلى وأول من آمن :

حقيقة إسلام علي عليه‌السلام

المحقق كون أمير المؤمنين عليه‌السلام أول المتبعين لرسول الله عن وعي ويقين :قال المسعودي فيمن استنقص الأمير بصغر سنه عند إسلامه : وهذا قول من قصد إلى إزالة فضائله ودفع مناقبه ؛ ليجعل إسلامه اسلام طفل صغير ، وصبي غرير لا يفرق بين الفضل والنقصان ، ولا يميز بين الشك واليقين ، ولا يعرف حقا فيطلبه ولا باطلا فيجتنبه (التنبيه والأشراف : ١٩٨ ذكر التاريخ من مولد الرسول).

وقال : ذهب كثير من الناس إلى أنه لم يشرك بالله شيئا فيستأنف الإسلام (مروج الذهب : ٢ / ٤٠٠ ط. مصر ١٣٤٦ ه‍ ، وط. بيروت ٢ / ٢٧٦ ذكر مبعثه وما جاء في ذلك إلى هجرته).

وقال المقريزي : أما علي فلم يشرك بالله قط ، فعند ما أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الوحي وأخبر خديجة وصدّقت