إلى التمسّك بآية أو خبر.
فالمغرور يتوهّم الحاجة أو اطمئنانه من جهة الآية التي هي قول الله تعالى ، والأخبار المتواترة ، حتّى أنّ منهم من يقول : كما أنّ خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام ثبت من التواتر بعنوان اليقين ، كذلك وجوب صلاة الجمعة.
والمغرور المسكين لا يتفطّن أنّ الأمر اليقيني حقّ البتة ، وهو الضروري ، لا ينكره أحد من المسلمين ، وأنّ منكره كافر بلا شبهة.
وأنّ ما قال ليس إلّا خبط النزاعي بالإجماعي ، وخلط النظري بالضروري واشتباه الظنّي باليقيني ، لأنّ أصل دليل الموجبين عينا ليس سوى الأصل المذكور السخيف المردود ، لما ستعرف.
العاشر : إنّ أصل العدم الذي ذكر لا خصوصيّة بالجمعة ، بل يجري أيضا في الظهر جزما ، فكيف في الجمعة يؤثّر وفي الظهر لا يؤثّر؟! مع أنّ الظهر هو الأصل بالنسبة إلى الجمعة ـ على حسب ما عرفت وستعرف ـ فيكون تأثيره فيه أولى ، على قياس ما قلنا في الإطلاق.
الحادي عشر : إنّ الأصل المذكور من أين ثبت كونه حجّة؟ حتّى صدر منكم ما صدر من الحكم الثابت الجازم المخالف لفتاوى القدماء والمتأخّرين والأدلّة العقليّة والنقليّة الكثيرة التي مرّت وسيجيء.
مع أنّ الأصل ليس إلّا استصحاب العدم الأصلي ، والاستصحاب ليس حجّة عند المستدلّين (١).
بل وربّما يصرّحون بعدم جواز ابتناء الأحكام الشرعيّة على هذه الاصول السخيفة ، فالمغرور يتوهّم أنّ أصل العدم من الحجج الشرعيّة وأنّه غير
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٣٠٩ ، الدر النجفيّة : ٣٦ ـ ٤٠ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ١ / ٥٢.