ففي المقام لا بدّ من نفي الشرط فقط ، لأنّه محلّ النزاع فقط ، لا أن يثبت العموم ، لما عرفت من عدم تأمّل أحد في العموم.
الثامن : إنّهم حين الاستدلال يقولون : وجوبها باق إلى يوم القيامة ، وأمثال هذه العبارات ، فيتوهّم المغرور أنّ أحدا قال بأنّه منسوخ في زمان الرسول صلىاللهعليهوآله ، أو بعده ، حاشاهم عن ذلك ، للقطع بقولهم بالبقاء إلى يوم القيامة.
نعم بشروط وبانتفاء الشروط لا يجوز فعلها ، وهذا من المسلّمات ، إنّما النزاع في شرط زائد ليس إلّا.
فمنهم من يقول باختلاله لا يجوز فعلها (١) ، ومنهم من يقول : يستحبّ فعلها (٢) ، فلا معنى لنسبتهم إلى القول بعدم البقاء.
ألا ترى أنّ المستدلّ أيضا يقول بعدم وجوبها على من اختلّ شرط من الشرائط بالنسبة إليه ، وهذا لا يقتضي قوله بالنسخ حينئذ.
التاسع : إنّ بعض المستدلّين حين ما يعترض عليهم في استدلالهم بالآية والأخبار ، بأنّها دالة على ما لا نزاع لأحد فيه ، وهو القدر الضروري ، وأنّ الكلّ قائلون بإطلاق الآية والأخبار ، والكلّ قائلون بشمولها لجميع المكلّفين وبعدم النسخ ـ على حسب ما قرّرنا ـ إلّا أنّهم يقولون بزيادة شرط واحد ، وهذا هو محلّ نزاعهم لا غير ، يجيبون بأنّ الأصل عدم زيادة شرط زائد ، ولا يتفطّن أنّ الدليل على ذلك ليس سوى هذا الأصل ، فالإتيان بالآية والأخبار والتطويل فيها من أيّ جهة؟! فإنّ الكلّ يقولون بالوجوب العيني على النحو الذي قرّرنا ، فكان يكفي أن يقولوا : الأصل عدم زيادة الشرط ، وبه يتمّ مطلوبكم لو تمّ من دون حاجة أصلا
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى : ١ / ٢٧٢ ، السرائر : ١ / ٣٠٣.
(٢) المعتبر : ٢ / ٢٩٧ ، روض الجنان : ٢٩٠.