ألا ترى أنّ صلاة العيد من الواجبات العينيّة قطعا ، إلّا أنّ لها شرائط ، فبعد انتفاء بعض الشرائط ينتفي ذلك الواجب ، إلّا أنّه يستحبّ الإتيان بها بفرادى أو جماعة ، ومعلوم أنّ صلاة الفرادى مثلا أمر آخر جزما.
وأيضا عرفت أنّ المطلق ينصرف إلى الكامل ، ولذا يستدلّ هؤلاء بمطلق الوجوب على عينيّته ، ومعلوم أنّ صلاة الجمعة أيضا مطلقها ينصرف إلى الكامل التي هي الواجب عينا.
وممّا يشير إلى أنّ هذا المستحبّ أمر على حدة ، أنّهم ما يعتبرون باقي الشرائط ، وإن تيسّر مثل الإمام ، والعدد ، والفاصلة بثلاثة أميال ، إمّا كلّهم ما يعتبرون ، أو بعضهم والباقي لا يستنكف ولا يتعجّب ، حتّى أنّ في الجمعة المستحبّة أيضا ، قال بعض الأصحاب بعدم وجوب الفاصلة بثلاثة أميال بين متعدّدها (١).
وقال الشيخ مفلح الصيمري في شرح قول المحقّق : إذا لم يكن الإمام أو من نصبه ، وأمكن الاجتماع استحبّ فعل الجمعة ، قال : هذا مذهب الشيخ والعلّامة والشهيد ، لعموم قوله تعالى ولروايات لهم على الاستحباب. والمنع مذهب ابن إدريس والسيّد ، لأنّ شرط الجمعة الإمام أو من نصبه ، ولأنّ الظهر ثابتة في الذمّة بيقين ، فلا يخرج عن العهدة إلّا بفعلها ، وأخبار الآحاد المظنونة لا يجوز التعويل عليها.
ثمّ قال : على القول بانعقادها حال الغيبة يجوز إيقاع جمعتين بينهما أقلّ من فرسخ ، قاله أبو العبّاس في موجزه ، وقال : الأقوى عدم الجواز (٢) ، انتهى.
ألا ترى أنّ واحدا منهم يجوّز عدم الفاصلة ، وغير المجوّز يقول : الأقوى
__________________
(١) انظر! مفتاح الكرامة : ٣ / ١٣٠ ، جواهر الكلام : ١١ / ٢٤٦.
(٢) غاية المرام في شرح شرائع الإسلام : ١ / ١٧٥ و ١٧٦.