فكان ما كان مما لست اذكره |
|
فظن خيراً ولا تسأل عن الخبر |
فهل تجد وجهاً للجزم بعدالة هؤلاء والقطع بمعذرتهم الا ما يذكره الجمهور من تأولهم في كل ما فعلوه ، وبه يتجلى لك عذر المتأولين.
دع كل ما ذكرناه وعرج على رأى الجمهور في معاوية تجد هناك معذرة المتأولين قالبا حسياً ، وتلفها أمامك شخصاً مرئياً فانه لما كان متأولاً على زعمهم ، لم يقدح في عدالته عندهم الحاقه زياداً بأبيه ( أبي سفيان ) بدعوى انه عاهر سمية وهي على فراش عبيد ، مستنداً في ذلك إلى شهادة أبي مريم القواد الخمار مع قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » (٦٢).
وقوله من حديث (٦٣) ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو راد ، وقوله تعالى : ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ ) وكان فعله هذا أول عمل جاهلي عمل به في الاسلام علانية ، فلم يقدح مع ذلك عند الجمهور في عدالته ولم يمنع محمد بن اسماعيل البخاري عن الاحتجاج به في صحيحه (٦٤).
__________________
(٦٢) هذا الحديث متواتر قاله رسول الله (ص) حين ترافع اليه سعد ابن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام عهد عتبة بن أبي وقاص إلى أخيه سعد انه ابنه بسفاح الجاهلية ، فقال سعد : يا رسول الله انه ابن أخي وقد عهد به اليّ وعليه شبهة. وقال عبد بن زمعة : انه أخي وابن أبي ولد على فراشه من جاريته. فنظر النبي (ص) إلى الغلام فرأى عليه شبه عتبة بينا ولم يلحقه مع ذلك به وانما الحقه بزمعة ، وقال « الولد للفراش وللعاهر الحجر » اخرج البخاري هذه القضية بهذه الكيفية في ثلاثة مواضع من كتاب البيوع في أول الجزء الثاني من صحيحه ، واخرجه مسلم بطرق مختلفة في باب الولد للفراش من كتاب الرضاع من صحيحه.
(٦٣) أخرجه البخاري في باب النجش من كتاب البيوع في صفحة ١٢ من الجزء الثاني من صحيحه.
(٦٤) جميع المحدثين من أهل السنة يحتجون بمعاوية ويعتمدون عليه