قال : يقول أبو هريرة : اقرأوا إن شئتم (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً).
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ) أي قم بعد نومك وصل.
قال المفسرون : لا يكون التهجد إلّا بعد النوم يقال : تهجد إذا سهر ، وهجد (١) إذا نام.
وقال بعض أهل اللغة : يقال تهجد إذا نام وتهجد إذا سهر وهو من الاضداد.
روى حميد بن عبد الرحمن بن عوف : عن رجل من الأنصار إنه كان مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر وقال : لأنظرنّ كيف يصلي النبي صلىاللهعليهوسلم قال : فنام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثمّ استيقظ فرفع رأسه إلى السماء فتلا أربع آيات من سورة آل عمران : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ... لَآياتٍ) ثمّ أهوى بيده إلى القربة وأخذ مسواكا فاستنّ به ثمّ توضأ ثمّ صلى ثمّ نام ثمّ استيقظ ، فصنع كصنيعه أول مرة ، ويزعمون أنه التهجد الذي أمره الله تعالى (٢).
(نافِلَةً لَكَ) قال ابن عبّاس : خاصة لك ، مقاتل بن حيان : كرامة وعطاء لك.
ابن عبّاس : فريضتك.
وقال : أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بقيام الليل خاصة وكتبت عليه ، ويكون معنى النافلة على هذا القول فريضة فرضها الله عليك فضلا عن الفرائض التي فرضها الله علينا زيادة.
وقال قتادة : تطوعا وفضيلة (٣).
وقال بعض العلماء : كانت صلاة الليل فرضها عليه في الابتداء ثمّ رخص له في تركها فصارت نافلة (٤).
وقال مجاهد : والنافلة للنبي صلىاللهعليهوسلم خاصة من أجل أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فما عمل من عمل سوى المكتوبة فهو نافلة لك من أجل أنه لا يعمل ذلك كفارة لذنوبهم ، فهي نوافل له وزيادة للناس يعملون ويصلون ما سوى المكتوبة لذنوبهم في كفارتها فليست للناس نوافل.
(عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً).
قال أهل التأويل : عسى ولعلّ من الله جزاء لأنه لا يدع أن يفعل لعباده ما أطمعهم فيه من الجزاء على طاعاتهم لأنه ليس من صفته الغرور ، ولو أن رجلا قال لآخر : اهدني والزمني لعلي أن أنفعك فلزمه ولم ينفعه مع إطماعه فيه ووعده لكان عارا له وتعالى الله عن ذلك ، وأما المقام المحمود فالمقام الذي يشفع فيه لأمته يحمده فيه الأولون والآخرون.
__________________
(١) الهجود النوم منه.
(٢) السنن الكبرى : ٦ / ٨٤ ح ١٠١٣٩.
(٣) تفسير الطبري : ١٥ / ١٧٩.
(٤) راجع تفسير القرطبي : ١٠ / ٣٠٩.