(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وبقدرته يخلق ما يشاء ، فتارة يخلق الإنسان من الذكر والأنثى ، وتارة بدون أب ولا أم كما فى آدم ، وأخرى من أم ولا أب له كما فى عيسى عليه السلام.
والخلاصة ـ إن كل ما تعلقت به مشيئته ينفذ بقدرته ، وإنما يعدّ بعضه غريبا بالنسبة إلى علم البشر الناقص لا بالنسبة إليه تعالى ، وكذلك غرابة بعض أفعالهم قد تكون عن علم كسبىّ يجهله غيرهم ، أو عن تأييد ربانىّ لا صنع لهم فيه ولا تأثير
روى ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي فى الدلائل عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أبىّ وبحرىّ بن عمرو وشاس بن عدى من اليهود فكلمهم وكلموه ودعاهم إلى الله وحذّرهم نقمته فقالو : ما تخوفنا يا محمد؟ نحن والله أبناء الله وأحباؤه ، كما قالت النصارى ذلك فأنزل الله فيهم :
(وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) إلى آخر الآية ، وقد جاء إطلاق هذا اللفظ (أبناء لله) فى الإنجيل على الملائكة وعلى المؤمنين الصالحين كما حكاه متّى فى وعظ المسيح على الجبل من قوله : (طوبى لصانعى السلام ، لأنهم أبناء الله يدعون) وكقول بولس فى رسالته إلى أهل رومية (لأن كل الذين ينقادون بروح الله فألئك هم أبناء الله) ومن هذا يعلم أن (ابْنُ اللهِ) يستعمل فى كتبهم بمعنى حبيب الله الذي يعامله معاملة الأب لابنه من الرحمة والإحسان والتكريم ، ولكن النصارى تحكموا فى هذا اللقب فجعلوه بمعنى الابن الحقيقي للمسيح ، وبالمعنى المجازى بالنسبة إلى غيره من الصالحين.
وقد رد الله عليهم بقوله لنبيه :
(قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ؟ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) أي قل لهم أيها النبي إذا كان الأمر كما زعمتم ، فلم يعذبكم الله بذنوبكم فى الدنيا كما ترون؟ من تخريب الوثنيين لمسجدكم الأكبر ، ولبلدكم المرة بعد المرة ، ومن إزالة ملككم من الأرض ، والأب لا يعذب ابنه ، والحبيب لا يعذب حبيبه ، فلستم إذا