الأولياء إلى خطرهما حتى يراقبوا ربهم إذا عرضتا لهم ، فقد تخادع الإنسان نفسه فى حد الإسراف وخفاء وجه منفعة الولي فى المسابقة إلى بعض الأعمال فى مال اليتيم ، ويغشّها إذا لم يمكن أن يمارى فى ذلك مراء ظاهرا تتضح فيه خيانته.
أما الأكل من مال اليتيم بلا إسراف ولا مبادرة خوف أخذها عند البلوغ ، فقد ذكر الله حكمه بقوله :
«وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» أي فمن كان منكم غنيا غير محتاج إلى شىء من مال اليتيم الذي تحت ولايته فليعفّ عن الأكل من ماله ، ومن كان فقيرا لا يستغنى عن الانتفاع بشىء من مال اليتيم الذي يشغل بعض وقته فى تثميره وحفظه فليأكل منه بالمعروف ، وهو ما يبيحه الشرع ، ولا يستنكره أرباب المروءة ، ولا يعدونه خيانة وطمعا.
قال ابن جرير : إن الأمة مجمعة على أن مال اليتيم ليس مالا للولى ، فليس له أن يأكل منه شيئا ، ولكن له أن يستقرض منه عند الحاجة كما يستقرض له ، وله أن يؤاجر نفسه لليتيم بأجرة معلومة إذا كان اليتيم محتاجا إلى ذلك كما يستأجر له غيره من الأجراء غير مخصوص بها حال غنى ولا حال فقر ، وهكذا الحكم فى أموال المجانين والمعاتيه.
وقد روى أحمد عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس لى مال وإنى ولىّ يتيم فقال : «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا متأثّل مالا ومن غير أن تقى مالك بماله».
والحكمة فى هذا أن اليتيم يكون فى بيت الولي كولده ، والخير له فى تربيته أن يخالط الولىّ وأهله فى المؤاكلة والمعاشرة ، فإذا كان الولي غنيا ولا طمع له فى ماله كانت المخالطة مصلحة لليتيم ، وإن كان ينفق فيها شىء من ماله فبقدر حاجته ، وإن كان فقيرا فهو لا يستغنى عن إصابة بعض ما يحتاج إليه من مال اليتيم الغنى الذي فى حجره ، فإن أكل من طعامه ما جرى به العرف بين الخلطاء غير مصيب من صلب