ومن هذا ترى
العلماء يتعرّضون لذكر مذهب الكفّار وأهل الضلال ، بل الزنادقة الملاحدة ، بل
شبهات سوفسطائيّة ، وردّوا عليهم ، ولم يتعرّضوا لذكر أقوال الأخباريّين ، ولا
واحد منها لا في اصول الدين ولا في فروعه ، حتّى لأجل الردّ عليهم ، ولم يعتنوا
بشأنهم أصلا ورأسا ، وتعرّض نادر من المتأخّرين لداع دعاه ، لكن قال فيهم ما قال .
ثمّ اعلم! أنّ
المصنّف رحمهالله إذا رأى مع إجماع العلماء خبرا ولو كان ضعيفا ، يحكم
بأنّه إجماع ، وإن لم ير معه خبرا يقول : قالوا : إنّه إجماع ، وإن وجد عوض الخبر
ظنيّا آخر ، بل ظنيّا متعدّدا ، كما اتّفق منه في تحريم الزنا بذات البعل وذات
العدّة الرجعيّة ، فإنّه نقل موضع الخبر قياسين بطريق أولى .
مع أنّ
الاستقراء أيضا يعضدهما فإنّ حالهما بحسب الشرع واحد غالبا ، ويعضده أيضا أنّهم
نقلوا النصّ على أنّ ذات العدّة الرجعيّة بحكم ذات البعل ، وغير ذلك
ممّا أشرنا في «حاشية الكفاية» ، وكذا حاله في غير هذا الموضع ، وشاع ذلك بين تابعيه.
وغير خفي أنّ
هذا ليس إلّا مجرّد الاشتباه ، كما لا يخفى.
شبهة منكر
حجّيّة الإجماع المنقول بخبر الواحد ؛ أنّه ظنّيّ.
وفيه ؛ أنّ
حاله حال خبر الواحد ، بل هو نوع منه ، كما عرفت.
وشبهة اخرى ؛
إنّ الناقل لو كان مثل السيّد والشيخ ومن تأخّر عنهما ، بعد حصول القطع لهم بقول
المعصوم ـ صلوات الله عليهم ـ لتوقّف ذلك على العلم
__________________