الشرع ، ولم نجد دليلا ـ أصلا ـ سوى ما ذكر.
والذي دلّ عليه الأخبار والاعتبار : أنّ هذه الفطرة ليست سوى معرفة الربّ وتوحيده ، والإيمان غير منحصر فيهما بالبديهة ، مع أنّهما ـ أيضا ـ في الغالب يصيران نظريّين بسبب الحوادث الدنيويّة اللازمة ، فلذا احتاج المكلّفون إلى الأدلّة ، لأنّ القرآن والحديث مملوّان من الأدلّة عليهما ، ولأنّ العقول تحتاج إلى الدليل العقلي بالوجدان.
وكيف كان ؛ الإيمان تصديقات متعدّدة ، وكلّ تصديق حادث ، وكلّ حادث يكون الأصل عدمه.
مع أنّ الذي يظهر من الأخبار ـ أيضا ـ أنّ الأصل عدم الإيمان ، بل الأصل عدم الإسلام ، فضلا عن الإيمان ، لأنّه أخصّ منه ، بل ربّما يظهر منها أنّ المؤمن نادر الوجود (١) ، كما أنّه في الواقع أيضا كذلك ، لأنّ من يعرف اصول دينه الخمسة بالدليل ، ولا يكون منكرا لضروري الدين والمذهب ، قلّما يوجد بين الشيعة ، كما أنّ الشيعة في غاية القلّة بالنسبة إلى المسلمين ، وهم في غاية القلّة بالقياس إلى سائر الناس.
وكون المؤمن من يعرف الاصول الخمسة بالدليل إجماعي الشيعة ومقتضى أدلّتهم العقليّة والنقليّة ، كما حقّقنا في «الفوائد» (٢) ، والشاذّ من المتأخّرين (٣) خارج عن الإجماع ومعلوم النسب ، بل ربّما عدّ من ضروريّات مذهب الشيعة ، فيكون حال الشاذّ حال ابن الجنيد بالنسبة إلى حرمة القياس.
__________________
(١) الكافي : ٢ / ٢٤٢ باب في قلّة عدد المؤمنين ، بحار الأنوار : ٦٤ / ١٥٧ الباب ٨.
(٢) الفوائد الحائرية : ٤٩٣ الفائدة ٣٢.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ٣٥٠.