فيا أخي! عذر الأخباريّين ما عرفت ووجه اختيارهم طريقتهم ، وعذر المجتهدين ووجه اختيارهم طريقتهم أيضا قد عرفت ، فعليك بإمعان النظر ، واختيار ما هو عندك أظهر ، وعذر المجتهدين في التقليد ظهر أيضا ، مضافا إلى ما ستعرف في تقليد الميّت ، مضافا إلى آية (فَلَوْ لا نَفَرَ) (١) الآية ، لأنّها في التقليد ، كما لا يخفى على المتأمّل ، وكذا الأخبار (٢) الدالّة على صحّته ، بل وجوبه أيضا.
قوله : (وإن لم يأتوا). إلى آخره.
أقول : إن كان له دليل على جواز تقليده ، كان المناسب أن يقول : مع الدليل الشرعي على جوازه قالوا بعدم الجواز وخالفوه ، كما هو طريقته.
وإن لم يكن له دليل شرعي ـ كما هو ، ظاهر بل لا شكّ فيه ـ فعدم الدليل يكفي ، بل أيّ دليل أظهر منه وأبين؟ لأنّ الحكم الشرعي توقيفي بالضرورة ، لأنّه حكم من الشارع وحقّ ، وفتوى الميّت ظنّ وممّن يجوز عليه الخطأ كما عرفت.
وكون أحدهما عين الآخر فاسد قطعا ، وإن لم يسلّم القطع مع بداهته ، نقول : غير مقطوع أنّه هو بعينه بالبديهة ، وكونه محسوبا مكانه يتوقّف على الثبوت بالبديهة ، والثبوت يكون من الدليل بالبديهة.
هذا ؛ مضافا إلى ما ثبت بالتواتر من عدم جواز التقليد والاكتفاء بالمظنّة وعدم اليقين وغيره ممّا عرفت ، خرج ما خرج بالدليل اليقيني ، وبقي الباقي.
والعقل أيضا يمنع عن ارتكاب ثمرات الفتاوى من قبل الشرع من غير أن يظهر من الشرع الرضا به ، ثبت حجيّة ظنّ المجتهد الحيّ لنفسه ولمن اعتمد على اجتهاده فقلّده ، لا لغيرهما من مجتهد أو عامي لم يقلّده ، بل يحرم عليهما العمل به.
__________________
(١) التوبة (٩) : ١٢٢.
(٢) راجع! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٣٦ الباب ١١ من أبواب صفات القاضي.