.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل أن الجهل في مقام التعيين لا يوجب قلب الواقع ، وإخراج مقدار من ملك كلّ منهما إلى الآخر في قبال خروج مقدار من ملك الآخر إليه.
ثمّ لو تنزّلنا وقلنا بحصول الشركة بالاختلاط ، فغايته الالتزام بها فيما إذا اتحدت الأموال جنساً ، بأن اختلطت شياه مال المضاربة بشياه مال العامل. وأما إذا اختلفت فلا موجب للقول بها في فرض الجهل ، مع تمييز الأجناس وجوداً وجنساً ، إذ لا موجب لاشتراك المالك مع الورثة في مختصّات الميت مما لا يتحد مع جنس مال المضاربة ، كداره وثيابه وكتبه ، فإنها مما يقطع باستقلال الورثة فيها.
ثمّ إنه قد يستدلّ على تحقّق الشركة في المقام بمعتبرة السكوني ، عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي (عليهم السلام) : «انه كان يقول : من يموت وعنده مال المضاربة قال : إن سمّاه بعينه قبل موته فقال : هذا لفلان ، فهو له. وإن مات ولم يذكر فهو أُسوة الغرماء» (١).
بدعوى أنّ المستفاد منها كون حال المالك حال الغرماء في ذلك ، فكما أنهم يشتركون مع الوارث ، فكذلك هو يشترك معهم أيضاً.
إلّا أنه ضعيف جدّاً. فإنّ الغرماء لا يشتركون مع الوارث جزماً ، بل غاية الأمر أنّ لهم حقاً في المال ، بل قد عرفت في بعض المباحث المتقدِّمة أن لا حقّ لهم في التركة أيضاً ، لعدم الدليل عليه ، إذ غاية ما دلّ عليه الدليل هو كون الانتقال إلى الورثة بعد أداء الديون ، فليس لهم التصرّف فيه إلّا بعده. وحينئذ فمقتضى القاعدة الالتزام ببقاء التركة على ملك الميت ، وعدم انتقالها إلى الورثة إلّا في الزائد عن الدين ، لا القول باشتراك الغرماء معهم فيها.
ومما يؤيد ما ذكرناه ، من عدم ثبوت الحقّ للغرماء في التركة فضلاً عن اشتراكهم معهم فيها ، أنه يجوز للوارث الأداء من خارج التركة ، بل للأجنبي التبرع به من عنده ، من دون أن يكون لهم حق المطالبة بعين التركة.
وعلى هذا فليس معنى قوله (عليه السلام) : «فهو أُسوة الغرماء» كونه شريكاً
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٩ كتاب المضاربة ، ب ١٣ ح ١.