فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم ، فهم الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه فأنزل الآية فيهم» [٣٣].
وعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بئس القوم قوم (يَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ) ، بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، وبئس القوم قوم يمشي المؤمن فيهم بالتقية والكتمان» [٣٤] (١).
(فَبَشِّرْهُمْ) .. أخبرهم بعذاب أليم ، وإنما أدخل الفاء [في خبرها] (٢) ؛ لأنه قوله : (الَّذِينَ) موضع الجزاء [«وإنّ» لا تبطل معنى الجزاء ؛ لأنّها بمزلة الابتداء عكس : ليت] (٣).
وقيل : أدخل الفاء على الغاء أن وتقديره : «الذين يكفرون ويقتلون فبشّرهم بعذاب أليم رجيح.
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ) : ذهبت وبطلت.
وقرأ أبو واقد والجرّاح : «حَبَطَتْ» بفتح التاء مستقبلة «تحبط» بكسر الباء وأصله من «الحبط» وهو أن ترعى الماشية [بلا دليل ورديع] (٤) فتنتفخ من ذلك بطونها ، وربّما ماتت منه ، ثم جعل كل شيء يهلك حبطا.
ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا إذ يلم» [٣٥] (٥).
(أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا) : أي نصيبا وحظا من الكتاب. يعني : اليهود (يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ).
واختلفوا في هذا الكتاب الذي أخبر الله تعالى إنّهم يدعون إليه فيعرضون عنه. فقال قوم : هو القرآن.
وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في هذه الآية قال : إنّ الله عزوجل جعل القرآن حكما فيما بينهم وبين رسول الله ، فحكم القرآن على اليهود والنصارى أنّهم على غير دين الهدى فأعرضوا عنه.
وقال قتادة : هم أعداء الله اليهود. دعوا الى حكم القرآن واتباع محمد صلىاللهعليهوسلم فأعرضوا ، وهم يجدونه مكتوبا في كتبهم.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٤ / ٤٦.
(٢) زيادة منّا للإيضاح.
(٣) زيادة منّا للإيضاح ، والمخطوط لا يقرأ.
(٤) هكذا الظاهر ، وفي تفسير القرطبي (٣ / ٤٦) الحبط : هو فساد يلحق المواشي في بطونها من كثرة أكلها الكلأ فتنتفخ أجوافها وربّما تموت من ذلك.
(٥) صحيح ابن حبّان : ٨ / ٢٣ ، كنز العمّال : ٣ / ٢٠٤.