يكون غلاما أو جارية ، فإن كان غلاما ردّ النظر في نفقة الدار إليه شهرا أو إعطائه شيئا نزرا يتصرف فيه ليعرف كيف تدبيره وتصرفه فيه ، وإن كان جارية ردّ إليها ما يرد إلى ربّة البيت من تدبير بيتها والنظر فيه ، وفي الاستغزال والاستقصاء على الغزالات في دفع القطن وأجرته واستيفاء الغزل وجودته ، فإن رشدا وإلّا بقيا تحت الحجر حتى يؤنس رشدهما (١) ، فأما البلوغ فإنه يكون بأحد خمسة أسباب ، ثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء واثنان يختص بهما النساء ، والتي يشترك فيها الرجال والنساء : فالاحتلام وهو إنزال المني ، فمتى أنزل واحد منهما فقد بلغ ، سواء كان من جماع أو احتلام أو غيرهما ، والدليل عليه قوله : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) (٢)
وقول النبي صلىاللهعليهوسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : «خذ من كل حالم دينارا أو عد له من المعافر» (٣) [٢٣٩].
واختلف العلماء فيه ، فقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد : إذا استكمل الصبي خمس عشرة سنة أو أنبت حكمنا ببلوغه.
وقال أبو حنيفة : إن كانت جارية فبلوغها سبع عشرة سنة ، وعنه في الغلام روايتان :
أحدهما : تسع عشرة سنة ، وهي الأشهر وعليها النظر.
وروى اللؤلؤي عنه : ثمان عشرة سنة. وقال مالك وداود : لا يبلغ بالسن ثم اختلفا ، فقال داود : لا يبلغ بالسن ما لم يحتلم ولو بلغ أربعين سنة ، وقال مالك : بلوغه بأن يغلظ صوته أو تنشق أرنبته.
والدليل على أن جدّ البلوغ بالسن خمس عشرة سنة حديث عبد الله بن عمر قال : عرضت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني فلم يرني بلغت أي ، وعرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني الله في المقاتلة.
والإنبات وهو أن ينبت : في الغلام أو الجارية الشعر الخشن حول الفرج.
وللشافعي في الإنبات قولان :
أحدهما : أنه بلوغ ، والثاني : دلالة البلوغ.
وقال أبو حنيفة : لا يتعلق بالإنبات حكم ، وليس هو ببلوغ ولا دلالة عليه.
والدليل على أن البلوغ بالإنبات متعلق بما روى عطية القرظي عن سعد بن معاذ أن النبي صلىاللهعليهوسلم حكّمه في بني قريظة قال : فمكثت أكشف عنهم فكل من أنبت قتلته ، ومن لم ينبت جعلته في الذرّية.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٥ / ٣٥.
(٢) سورة النور : ٥٩.
(٣) سنن أبي داود : ١ / ٣٥٤ ح ١٥٧٦.