عن الوجود والعدم والعلّة الموجبة لهما لا ينافي إتّصافَها في الخارج بأحدهما وحصول علّته.
ورُدّ (١) بأنّه قياسٌ مع الفارق ، فإنّ حيثيّةَ الماهيّة من حيث هي غيرُ حيثيّة الواقع ، فمن الجائز أن يعتبرها العقل ويقصر النّظر اليها من حيث هي من دون ملاحظة غيرها من وجود وعدم وعلِتهما.
وهذا بخلاف الوجود العينيّ ، فإنّ حيثيّه ذاته عين حيثيّه الواقع ومتن التحقّق ، فلا يمكن اعتباره بدون اعتبار جميع ما يرتبط به من علّة وشرط.
ويمكن تقرير الحجّة بوجه آخر ، وهو أنّ عدم كفاية الذات في وجوب صفة من صفاته الكماليّة يستدعي حاجتَهُ في وجوبها إلى الغير ، فهو العلّة الموجبة ، ولازمه أن يتّصف الواجب بالذات بالوجوب الغيريّ ، وقد تقدّمت استحالته (٢).
واُورِد (٣) على أصل المسألة بأنّه منقوضٌ بالنِسَبِ والإضافات اللاحقة للذاّت الواجبيّة من قِبَل أفعاله المتعلّقة بمعلولاته الممكنة الحادثة ، فإنّ النِسبَ والإضافات قائمةٌ بأطرافها تابعةٌ لها في الإمكان كالخَلْق والرزق والإحياء والإماتة وغيرها.
ويُندفع (٤) بأنّ هذه النسَب والإضافات والصفات المأخوذة منها ـ كما سيأتي بيانه (٥) ـ معان منتزعة من مقام الفعل لا من مقام الذات.
نعم ، لوجود هذه النسَب والإضافات إرتباطٌ واقعيٌّ به (تعالى) ، والصفات المأخوذة منها للذّات واجبة بوجوبها. فكونه (تعالى) بحيث يَخْلُقُ وكونه بحيث
__________________
(١) كذا ردّه صدر المتألّهين في الأسفار ج ١ ص ١٢٥.
(٢) في الفصل الثاني من المرحلة الاُولى.
(٣) والظاهر أنّ ممّن توّهم ورود هذا الإيراد هو الميبديّ في شرحه للهداية الأثيريّةص ١٧٢ ، فإنّه تعرّض للإيراد ونَسَبه إلى «قيل» ولم يدفعه ، فراجع وتأمّل.
(٤) هكذا دفعه صدر المتألّهين في شرحه للهداية الأثيريّة : ص ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، والأسفار : ج ١ ص ١٢٧ ـ ١٢٨.
(٥) راجع الفصل التاسع والفصل العاشر من المرحلة الثانية عشرة.