وجوب الوجود مشتركاً بينهما وكان تميّزهما بأمر وراء المعنى المشترك بينهما ، فإن كان داخلا في الذات لزم التركّب ، وهو ينافي وجوبَ الوجود ، وإن كان خارجاً منها كان عرضيّاً معلّلا ، فإن كان معلولا للذات كانت الذات متقدّمةً على تميّزها بالوجود ، ولا ذات قبل التميّز فهو محال ، وإن كان معلولا لغيره كانت الذات مفتقرةً في تميّزها إلى غيرها وهو محال ، فتعدُّدُ واجب الوجود على جميع تقاديره محال.
وأُورد عليه الشبهة المنسوبة إلى ابن كمونة (١) ـ وفي الأسفار (٢) أنّ أوّل من ذكرها الشيخ الإشراقيّ في المطارحات (٣) ، ثمّ ذكرها ابن كمونة ، وهو من شرّاح كلامه في بعض مصنّفاته (٤) واشتهرت باسمه ـ بأنّه لِمَ لا يجوز أن تكون هناك ماهيّتان بسيطتان مجهولتا الكنه متباينتان بتمام الذات ويكون قول الوجود عليهما قولا عرضيّاً؟!وهذه الشبهة كما تجري على القول بأصالة الماهيّة المنسوب إلى الإشراقيّين تجري على القول بأصالة الوجود وكون الوجودات حقائق بسيطة متباينة بتمام الذات المنسوب إلى المشّائين. والحجّة مبنيّة على أصالة الوجود وكونه حقيقة
__________________
(١) قال : «الشبهة المنسوبة إلى ابن كمونة» ولم يقل : «شبهة ابن كمونة». والوجه في ذلك أنّ ابن كمونة ليس أوّلَ من اعتراه هذه الشبهة ، بل هو مقرِّرها بأتمّ وجه فاشتهرت باسمه.
قال السيّد الداماد : «وهذا الإعضال معزى على ألسُن هؤلاء المحدّثة إلى رجل من المتفلسفين المحدثين يُعرف بابن كمونة. وليس أوّلُ من اعتراه هذا الشك ، كيف؟ والأقدمون كالعاقبين قد وكّدوا الفصيّة عنه وبذلوا جهودهم في سبيل ذلك قروناً ودهوراً». إنتهى كلامه في التقديسات على ما نقله عنه بعض المحشين في شوارق الإلهام ص ١٢٥ ط الفارابيّ.
وقال صدرالمتألّهين : «مايُنسب إلى ابن كمونة وقد سمّاه بعضهم بافتخار الشياطين لإشتهاره بابداء هذه الشبهة العويصة والعقدة العسيرة الحل ، فإنّي قد وجدت هذه الشبهة في كلام غيره ممن تقدّمه زماناً» راجع الأسفار ج ١ ص ١٣٢ وشرح الهداية الأثيريّة ص ٢٩١. والمراد من قوله : «ممن تقدّمه زماناً» هو الشيخ الإشراقيّ كما صرّح به في الأسفار ج ٦ ص ٦٣.
(٢) راجع الأسفار ج ٦ ص ٦٣.
(٣) راجع المطارحات ص ٣٩٥.
(٤) وهو كتاب التلويحات ، فراجعه ص ٣٧.